الصحبة والصحابة - حسن بن فرحان المالكي - الصفحة ٤٥
الدلالة الأولى: تلاوته (صلى الله عليه وسلم) لسورة النصر التي فيها ذكر (الناس) الذين يدخلون في دين الله أفواجا، تلاها (صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة، فهؤلاء الناس المراد بهم الطلقاء (103)، ثم أخبرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن (الناس حيز)، وهو وأصحابه حيز آخر!!، فماذا يعني هذا؟
هذا بكل وضوح لا يعني إلا أن هؤلاء (الناس) لا يدخلون في الأصحاب) الذين فازوا بتلك (الصحبة الشرعية)، التي تستحق الثناء، وتتنزل فيها كل الثناءات على الصحابة، فإذا سمعنا بأي حديث يثني على (أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)، أو أي أثر من الصحابة خاصة يثني على (أصحاب النبي)، فلا تنزل تلك الأحاديث والآثار إلا على هؤلاء (الأصحاب) الذين فصلهم (بالصاد المهملة مع فتحها) النبي (صلى الله عليه وسلم) عن سائر (الناس) من غيرهم، وأولى الناس دخولا في هؤلاء (الناس) هم الطلقاء الذين أسلموا يوم فتح مكة لارتباط المناسبة

(103) ويدخل في (الناس) الطلقاء ومن بعدهم جزما ولا يدخلون في (الأصحاب) وإنما هناك طوائف أخرى محل بحث هل تدخل في (الأصحاب) أو (الناس) مثل المسلمين قبل الحديبية الذين لم يستقروا في المدينة أو لم يتمكنوا من الهجرة استضعافا لهم من المشركين ونحو هؤلاء.
ومن علامات النواصب أنه لا يهمهم هؤلاء وإنما يعز عليم خروج (الطلقاء) من الصحبة الشرعية!!
ولذلك لا تجدهم يدافعون عن المسلمين في العهد المكي الذين لم يهاجروا ولا يبرؤونهم إنما تنصب كتاباتهم في الدفاع عن الطلقاء مما يبين لنا بوضوح أن بعض الأفكار عندنا تشكلت بداياتها في ظل السلطة الأموية!! لذا كانت هذه الأفكار تحمل بصمات السياسة الأموية!! وهناك بعض المعتقدات من وضع السياسة الأموية أو تشجيعها أو توفيرها لجو تلك المعتقدات ومنها مسألة (الإمساك عما شجر بين الصحابة) و (عدالة كل الصحابة) وعقوبة ساب الصحابي بأنها أشد من عقوبة ساب الله عز وجل... ونحو هذا من المعتقدات التي لا يدافعون بها عن علي وعمار وابن عديس ضد من سبهم من بني أمية وأشياعهم من النواصب وإنما يدافعون بها عن معاوية والوليد وبسر والحكم ونحوهم ضد من سبهم أو ذم سيرتهم من الشيعة أو من أهل السنة أيضا كعبيد الله بن موسى وابن عبد البر وعبد الرزاق الصنعاني وغيرهم من كبار علماء أهل السنة.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست