هوية التشيع - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي - الصفحة ٤٣
في الإنسانية إلى مستويات يتبرأ منها الوحش في العهدين الأموي والعباسي (1).
إن مثل هذا الاضطهاد يستلزم التنفيس عن الكبت فقد يكون هذا التنفيس في عمل إيجابي بشكل من الأشكال وأحيانا قد يكون سلبيا فيلجأ إلى هذا الشتم.
ولسنا نبرر ذلك بحال من الأحوال لما سبق أن ذكرناه من أسباب ب - إن الذي أسس هذه الظاهرة هم الأمويون أنفسهم لأنهم شتموا الإمام عليا (ع) على المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنة واستمر هذا الوضع حتى أن محاولة الرجل الطيب عمر بن عبد العزيز لم تنجح في منع الشتم وكانت كلمة الأمويين وبالذات معاوية أنهم إنما أسسوا شتمه ليدرج عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، فنشأت مقابل ذلك ردة الفعل. ومما عمق هذه الظاهرة: هو الالتواء في معالجة هذه المشكلة من قبل أعلام السنة. وعلى سبيل المثال نجد ابن تيمية يؤلف كتابه الصارم المسلول في كفر من شتم الرسول أو أحد أصحاب الرسول، ويحشد فيه الأدلة على كفر الشاتم ولكنه مع ذلك ومع علمه بما قام به معاوية والأمويون لا يقول بكفر الأمويين الذين قاموا بشتم الإمام (ع) وأهله. إن علي بن أبي طالب أخو رسول الله (ص) ومن ضحى بكل ذرة من كيانه في خدمة الإسلام والمسلمين فلماذا لا يكفر شاتمه؟ وستسمع الجواب طبعا بأنه تاب وغفر الله له وانتهى الأمر.
وإليك مثالا آخر: لقد تولى يزيد بن معاوية الحكم لمدة ثلاث سنوات قتل في سنة منها الحسين وأهل بيت رسول الله وسبى عيالهم وذبح أطفالهم وعمل فيهم أعمالا لا تصدر من كسرى وقيصر.
وفي سنة ثانية قتل عشرة آلاف من المسلمين وسبعمائة من الصحابة حملة القرآن، واستباح المدينة ثلاثة أيام وسمح لجند أهل الشام أن يهتكوا أعراض المسلمات وذبح الأطفال حتى كان الجندي الشامي يأخذ الرضيع من ضرع أمه ويقذف به الجدار حتى ينتشر مخه على الجدار وأجبر الناس على بيعة يزيد على

(١) أنظر مروج الذهب للمسعودي ج‍ ٣ ص ١٢ ص ٥٠، وانظر تاريخ الطبري ج ٦ ص ٣٤٤.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»