بحسب الظاهر لا لأجل قطعهم بالصدور عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهذا واضح، مع أنه لا يختص بالكتابين، بل يجري في كل الأحاديث المعتبرة.
لا يقال إن الأمة ظنت بصحة أحاديثهما وظن المعصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ، فإنه يقال معقد إجماع الأمة الظن بالصحة وهذا مقطوع لا شك فيه، ولا يصح لأحد أن يقول لعل الظن بصدورها غير حاصل وإنما الحاصل هو مجرد احتمال الصحة وتخيلها، ففي هذا القول مغالطة، ويرشدك إلى صحة الجواب أن عصمة الأمة من الخطأ لا تفوق عصمة نبيها صلى الله عليه وسلم منه، فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم إني أظن بالغروب مثلا فهل يمكن لنا ادعاء القطع بالغروب بحجة أن ظن المعصوم لا يخطأ؟ على أن في الصحيحين أحاديث متعارضة متضاربة، فكيف يمكن دعوى القطع بصحتها، بل القطع حاصل بكذب أحد المتعارضين، وهناك أحاديث مختلفة الألفاظ لأجل النقل بالمعنى أو لأجل الغفلة والنسيان للبعد بين زمن التدوين والتحديث وغير ذلك، وهناك أحاديث مخالفة للتأريخ أو للعقل، فالصحيح أن يقال أن مجموع أحاديثهما مظنون الصدق لا جميعها.
ثم إن عصمة الأمة من الخطأ لم تثبت بدليل قاطع، فكيف يحصل القطع بمدلوله؟ وهنا شئ آخر هو أن الأمة - سوى علمائهم المحققين - غافلون عن هذه المسائل النظرية، والغافل ليس بشاك ولا بظان ولا بقاطع وجازم، فإن هذه من حالات الملتفت، فليست الأمة ظانون بصحة الروايات إلا معلقا وعلى تقدير تفهيمهم، وهذا إجماع تعليقي وتقديري غير فعلي فليس بحجة. واليوم جماعات من العلماء الباحثين المتعمقين المدققين لا يسلمون بوجوب العمل بأحاديث الكتابين، وعلى كل القول بحصول القطع