مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٥٠
وليتم مدبرين) * (1)، والفرار في اللقاء من الكبائر التي توعد الله عليها النار، كما في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) * (2).
وكذلك الحال في غزوة " أحد " كما أشرنا إليه سابقا في سورة آل عمران، وقد قتل خالد بن الوليد بني جذيمة في فتح مكة حينما بعثه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حولها في سرايا تدعو إلى الله تعالى ولم يأمرهم بقتال، وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعيا ولم يبعثه مقاتلا، فغدر خالد بهم وقتلهم، فانتهى الخبر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فرفع يديه إلى السماء ثم قال:
" اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد " ثلاث مرات، ثم أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا (عليه السلام) فودى لهم الدماء وأرضاهم (3).
فتبين أن لا تلازم بين صدور العمل الصالح - على تقدير ثبوته - وبين استقامة الشخص في بقية أعماله، فضلا عن عصمته وإمامته في الدين.
أما الخوض في الفتوحات بشكل إجمالي فالنظرة المقابلة تقيم الفتوحات التي حصلت بأنها كانت بمثابة سدودا أمام انتشار الدين في كل أرجاء المعمورة، فإن هذا الدين الحنيف لا يصمد أمام بريق نوره الأقوام البشرية إلا وتنجذب إليه، وهذا هو عمدة نهج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في دعوته إلى الإسلام..
قال تعالى: * (إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون

(١) سورة التوبة ٩: ٢٥.
(٢) سورة الأنفال ٨: 15 و 16.
(3) المغازي للواقدي - 3 / 875 - 884.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست