مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٦٤
فإنهم متى سمعوها * (جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) * (1)، لأنها تقطع خط الرجعة عليهم وتوجب يأسهم مما أجمعوا عليه، فلا يبقى لهم مطمع حتى في التمويه والتضليل، المسمى عندهم وعند أوليائهم ب‍: التأويل، فيكون منهم بسبب يأسهم كل خطر على الدين وأهله.
وقد ظهرت بوادر ذلك ليلة العقبة إذ دحرجوا الدباب (2)، ويوم الخميس (3) إذ صدوه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الكتاب.. * (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) * (4).

(١) سورة نوح ٧١: ٧.
(٢) انظر: الخصال ٤ / ٤٩٩، الاحتجاج ١ / ١٢٧ - ١٣٢، مجمع البيان ٥ / ٨٤.
والدباب، وإحداها: دبة: الكثيب من الرمل، انظر: لسان العرب ٤ / ٢٧٨ مادة " دبب ".
(٣) إشارة إلى يوم الخميس في مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبيل وفاته، حين طلب كتفا ودواة من الحاضرين فقال: " هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ".
فقال عمر: إن النبي قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله!
فاختلف من كان في البيت فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتابا لن تضلوا بعده،، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال رسول الله: " قوموا! ".
فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
انظر تفصيل ذلك أو مضمونه في: صحيح البخاري ٧ / ٢١٩ ح ٣٠ و ج ٩ / ٢٠١ ح ١٣٤، صحيح مسلم ٥ / ٧٥، مسند أحمد ١ / ٢٢٢.
وقد استوعب السيد شرف الدين (قدس سره) هذه القضية ببحث مفصل في كتابيه: النص والاجتهاد: ١٤٨ - ١٦٣، الفصول المهمة: ١٤٤ - ١٤٨، فراجع.
(٤) سورة التوبة ٩: 74.
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست