مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٥٠
المقام الثاني في الاستشهاد بالآية الكريمة على نبوة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وإمامة أئمتنا (عليهم السلام) وهذا شئ لم يكن مدلولا عليه بظاهر الآية لولا ما رويناه في تفسيرها عن الإمام الصادق (عليه السلام) إذ قال: " كان الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية، ولرسوله بالنبوة، ولأمير المؤمنين والأئمة بالإمامة، فقال:
* (ألست بربكم) * ومحمد نبيكم وعلي إمامكم والأئمة الهادون أئمتكم * (قالوا بلى) * ".. الحديث (1).
وقول الصادق (عليه السلام) حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لوجوب عصمته عقلا ونقلا، وهو إمام العترة الطاهرة في عصره، لا يضل من تمسك به، ولا يهتدي إلى الله من ضل عنه، أنزله النص منزلة الكتاب، وجعله قدوته لأولي الألباب، وهذا أمر مفروغ عنه عندنا، والحمد لله رب العالمين (2).

(١) تفسير القمي ١ / ٢٤٨، ومؤداه في: تهذيب الأحكام ٣ / ١٤٦ ح ٣١٧ باب صلاة الغدير.
(٢) نعم، إن مسألة عصمة الأئمة (عليهم السلام) عندنا مفروغ منها، وذلك بدلالة آيات الكتاب العزيز والأحاديث النبوية الشريفة المتواترة، والتي تظهر هذا الأمر جليا واضحا، لذا فما على المنصف إلا أن يراجع هذه الآيات والأحاديث لكي يزيل عن عينيه الغشاوة التي منعته من رؤية الحق وأهله.
فمن الآيات القرآنية التي تدل على إمامتهم وعصمتهم (عليهم السلام):
١ - آية التطهير: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * سورة الأحزاب ٣٣: ٣٣.
والمراد بأهل البيت في هذه الآية: علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وفق ما جاء به الحديث الشريف.
انظر: صحيح مسلم ٧ / ١٣٠، سنن الترمذي ٥ / ٣٢٨ ح ٣٢٠٥ و ٣٢٠٦، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٤٥١ ح ٣٥٥٨ و ٣٥٥٩، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ح ٢٦٦٤، الدر المنثور ٦ / ٦٠٣ - ٦٠٥، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٤٦.
٢ - آية المودة: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) * سورة الشورى ٤٢: ٢٣.
فقد عين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المقصودين ب‍ " القربى " في هذه الآية، وهم: علي والزهراء وولداهما (عليهم السلام)، ولو لم يكونوا طاهرين مطهرين معصومين لما أمر الله تعالى بمودتهم، ولكان أمره عبثا، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
انظر: مسند أحمد ١ / ٢٢٩، المعجم الكبير ٣ / ٤٧ ح ٢٦٤١ و ج ١١ / ٣٥١ ح ١٢٢٥٩، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٨٨ ح ٤٨٠٢، تفسير الطبري ٢٥ / ١٦ - ١٧.
٣ - آية المباهلة: * (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * سورة آل عمران ٣: ٦١.
وهذه الآية من الآيات الدالة على إمامة أئمتنا الأطهار (عليهم السلام)، وعلى أنهم بمرتبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل ساوتهم به إذ جمعت أنفسهم مع نفسه، فقال تعالى: * (وأنفسنا وأنفسكم) *، وقصة هذه الآية معروفة إذ خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مباهلة نصارى نجران بعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، وقد تواترت الأخبار في نقلها.
انظر: مسند أحمد ١ / ١٨٥، صحيح مسلم ٧ / ١٢٠، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٦، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٣ ح ٤٧١٩، فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٠.
أما بالنسبة للأحاديث النبوية الشريفة فهي كثيرة جدا، ولكننا - روما للاختصار - سنورد أشهر حديثين، وهما:
١ - حديث السفينة: " مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك ".
وهو حديث متواتر فيه دلالة واضحة على إمامة أئمتنا وعصمتهم بالمعنى الذي يقوله علماؤنا، أي أن الذي يريد أن ينجو من الهلاك عليه بالتمسك بهؤلاء لأنهم سفن النجاة.
انظر: المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٧٣ ح ٣٣١٢، تاريخ بغداد ١٢ / ٩١ ح ٦٥٠٧، مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨، الصواعق المحرقة: ٣٥٢، المعجم الكبير ٣ / ٣٧ ح ٢٦٣٦، المعجم الصغير ١ / ١٣٩، الدر المنثور ٣ / ٣٣٤.
٢ - حديث الثقلين: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما! ".
وقد ورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، وهو من الأحاديث الدالة دلالة قاطعة لا تقبل الشك والترديد على عصمة أئمتنا الأطهار (عليهم السلام)، إذ قرن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآن بالعترة، وأخبر أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض.
انظر: صحيح مسلم ٧ / ١٢٢، مسند أحمد ٥ / ١٨١ - ١٨٢، سنن الترمذي ٥ / ٦٢٢ ح ٣٧٨٨، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٠ ح ٤٧١١ و ج ٣ / ٦١٣ ح ٦٢٧٢، المعجم الكبير ٥ / ١٦٦ ح ٤٩٦٩ و ج ٥ / ١٨٢ ح ٥٠٢٥ و ٥٠٢٦ و ج ٥ / ١٨٣ ح ٥٠٢٨، الدر المنثور ٢ / 60.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست