مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦١ - الصفحة ٧٩
ومن هذا الباب ما يشاهد من خطاب عتاب مع الأنبياء في القرآن، فإنها ليست أخطاء ومعاص في الشرع وحكم العقل، وإنما هي من باب ترك الأولى في منطق القرب والزلفى ومقام المحبين.
الثالث: إن خطأ الميزان الظاهر المجعول في باب القضاء، أو في باب الإمارة وتدبير الحكم، ونحوهما مما يكون في الموضوعات الخارجية، ليس من خطأ المعصوم، كالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه موظف في مصالح التشريع بالعمل بهذا الميزان في تلك الموضوعات الجزئية، مما يتدارك خطأ الميزان الشرعي الظاهري بالمصالح الأخرى، وأين هذا من الأحكام الكلية ومعرفة الشريعة؟!
وإذا فرض جهل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بها - والعياذ بالله تعالى -، وتحريه لها بالاجتهاد الظني، فأين الطريق إليها المأمون عن الخطأ؟! وما هو ميزان الصحة من الخطأ إذا كان الطريق مسدودا إلى الأبد، إذ لا فاتح لما انسد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أبواب العلم؟!
وهذا بخلاف باب الموضوعات الجزئية، فإن طريق العلم بها مفتوح وراء ميزان القضاء والحكم.
الرابع: إنهم خلطوا بين السؤال الممدوح عن الأحكام ومعارف الدين كما في قوله تعالى: * (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) * (1) وقال: * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * (2)، وبين السؤال المذموم عن الأحكام والشريعة، قال الله تعالى: * (يا أيها

(١) سورة التوبة ٩: ١٢٢.
(٢) سورة النحل ١٦: 43، وسورة الأنبياء 21: 7.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»
الفهرست