مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٩ - الصفحة ٧٧
توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم * أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) * (1).
فنرى في سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أنها تشترط في عنوان الصدق الثبات عند الزحف وعدم الفرار والجبن، بينما المنافق الخفي جبان في الحروب والنزال كأنه يغشى عليه من الموت لشدة خوفه وجبنه، فإذا قاد جيشا ليفتح حصنا عاد يجبن الناس والناس يجبنونه، بخلاف الصادق، فإنه كرار غير فرار، يفتح الله على يديه..
والمنافق الخفي المحترف للنفاق يحزن من هول القتال والكفار، ويقول - مثلا -: يا رسول الله! إنها قريش وخيلاؤها، ما هزمت قط. فليس ذلك علامة الصدق في ما يدعيه من الإيمان، فهذا الصحابي الذي أشارت إلى فئته سورة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو المنافق المحترف، وصفتهم عكس ما أشير إليه في سورة الفتح بقوله تعالى: * (أشداء على الكفار رحماء بينهم) * (2)، وإن صحابي هذه الفئة غظ فظ مع المؤمنين في السلم، هجين ذعر جبان في الحرب مع الكفار.
ثم إن السورة تلاحق وجود فئة محترفة للنفاق وهي: * (الذين في قلوبهم مرض) * (3) وهي الفئة التي أشارت إليها سورة المدثر المكية (4)،

(١) سورة محمد ٤٧: ٢٠ - ٣٠.
(٢) سورة الفتح ٤٨: ٢٩.
(٣) سورة محمد ٤٧: ٢٠ و ٢٩.
(٤) سورة المدثر ٧٤: 31.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست