مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٩٢
علي، وتخلف عن بيعة أبي بكر شهرين (1).
ونظرا لموقف المغيرة بن شعبة يوم السقيفة ودفاعه عن عمر أيام خلافته وتلقيبه له بالفاروق فقد ولاه عمر البصرة، ولما زنى المغيرة بأم جميل - ذات البعل الثقفي - وتوقف الرجم على تمامية الشهادة بزياد بن أبي سفيان، ولما أقبل زياد للشهادة لقنه عمر، وأسمع الحاضرين بقوله: " إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين " أو: " أرى رجلا أرجو أن لا يفضح الله به رجلا من أصحاب رسول الله " (2) فوسمه بوسام " المهاجر " " الصحابي "، وليس ذلك إلا لمواقفه المفيدة للخلافة الجديدة، دون مراعاة للتقوى والإيمان والثقة بالله..
يدلك على ذلك أن عمر لما أراد أن يوليه الكوفة - بعد حادثة البصرة - قال له: إن وليتك الكوفة أتعود إلى شئ مما قرفت به؟ قال: لا (3).
وقد أفصح المغيرة نفسه عن هذه الموازنة التي قلناها حين قدم رجال على عمر يشكون سعد بن أبي وقاص، فقال: من يعذرني من أهل الكوفة، إن وليتهم التقي ضعفوه، وإن وليتهم القوي فجروه.
فقال المغيرة: إن الضعيف له تقواه وعليك ضعفه، والقوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره.
قال عمر، صدقت، فأنت القوي الفاجر، فاخرج إليهم، فلم يزل عليهم أيام عمر (4).
ومن هذا المنطلق نفسه رأينا عمر يروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله:

(١) الكامل في التاريخ ٢ / ٤٠٢.
(٢) فتوح البلدان - للبلاذري -: ٣٣٩ - ٣٤٠، الأغاني ١٦ / ١٠٧.
(٣) (٤) أنظر: تاريخ الطبري ٢ / ٥٤٥، شرح نهج البلاغة ١٢ / 22.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست