مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٨٠
أو بعدها عن مواقف وثوابت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكيفية الجمع والتفريق بينهما، وأول شاخص يطالعنا في ذلك هو:
1 - الاهتمام بالحفظ والنسب:
المعروف عن عقلية العرب في الجزيرة أنها كانت تعتمد على حافظتها - في حفظ أشعارها وآثارها ومآثرها - وترغب عن التدوين، ولا تعتمده، ومن شواهده أنا نرى وصول جمهرة عظيمة من قصائدهم التي تحمل لغتهم وثقافة حروبهم وصلحهم وجميع جوانب حياتهم، وفي المقابل نلحظ عدم وصول شئ يوازي ذلك من خطبهم و...، وما ذلك إلا لأن الشعر سهل الحفظ والتناول، بعكس الخطب التي يصعب حفظها، ولما لم تكن مدونة فقد ضاع أغلبها ولم يصل إلينا إلا النزر اليسير.
وفي هذه الفترة نرى أن أبا بكر كان معدودا من العالمين بأنساب العرب، لما روته عائشة عن أبيها أنه كان أعلم قريش بأنسابها (1)، وقال ابن إسحاق في السيرة الكبرى: وكان أنسب قريش لقريش، وأعلمهم بما كان منها من خير أو شر (2).
ومما يتبع علم النسب هو السباب، لأنهم كانوا يتعلمون النسب للمفاخرة والمنافرة وبيان مثالب الآخرين.
قال ابن عبد ربه: كان أبو بكر نسابة، وكان سعيد بن المسيب نسابة،

(1) الأنساب - للسمعاني - 1 / 22.
(2) السير والمغازي: 140. وانظر: الأنساب - للسمعاني - 1 / 22 ح 11، والتبيين في أنساب القرشيين: 209.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست