مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٥٨
دعاه، وكرر عليهما ثلاث مرات، فأجابا بالجواب الأول، فبايع عثمان...
وقول علي (رضي الله عنه): (وأجتهد برأيي) ليس خلافا منه في إمامة الشيخين، بل ذهابا إلى أنه لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر، بل عليه اتباع اجتهاده، وكان من مذهب عثمان وعبد الرحمن أنه يجوز إذا كان الآخر أعلم وأبصر بوجوه المقاييس ".
أقول:
لو سلم تأويل التفتازاني لإباء علي (عليه السلام) لسيرة الشيخين، وأنه من باب عدم حجية اجتهادهما، إلا أنه أسقط حجية سيرتهما مطلقا، ولم يحتمل فيها أنها من باب الرواية لاحتمال اطلاعهما على قول أو فعل للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يطلع عليه غيرهما.
وبعبارة أخرى: مدعى العامة في حجية قولهما وسيرتهما يتردد لديهم كما قدمنا بين ذلك، فالإعراض عن سيرتهما يعني إسقاط لكل وجوه الحجية المدعاة في سيرة الشيخين، ولا يفوت الباحث تذكر امتناع علي (عليه السلام) عن بيعة أبي بكر مع موقفه يوم الشورى هذا.
ثم إن هذا التوجيه من التفتازاني يناقض ما قدمنا نقله عنه، من دخول علي (عليه السلام) في الخطاب المنسوب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر "، وأنه مأمورا بالاقتداء بهما (1).
فإذا كان حجية قولهما من باب الاجتهاد، فكيف يجعل الأمر بالاقتداء بهما دال على إمامتهما للناس؟! بل اللازم أن يكون الأمر المزبور - على تقدير

(1) شرح المقاصد 5 / 292.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست