مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٧ - الصفحة ٢٥٢
من أن الإصرار على الذنوب يستلزم تحقيرها والاستخفاف بها، وهو لازم لهما، فيخرج به فاعله عن حقيقة المحبة لهم التي هي سبب لمغفرة الذنوب، لأن المراد بالمحبة في مثل هذا الخبر المتابعة، والمزية لهم على هذا مذكورة في الموضع الأول.
المقام الثاني: إن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " وظلم المؤمنين " مستثنى من حكم التحمل قطعا، فالمراد بالعباد الذين يتحمل الله تعالى عن محبي أهل البيت (عليهم السلام) مظالمهم: إما العباد الذين يجب لهم على الله سبحانه - بقاعدة العدل - الانتصاف من محبي أهل البيت (عليهم السلام)، وأولئك هم المؤمنون يقينا، وإما أن يكون المراد بهم غيرهم من فرق الناس..
فإن كان المراد: الأول، لزم التناقض في الكلام، لأن معناه على هذا الوجه: إن الله يتحمل عن محبي أهل البيت (عليهم السلام) ما عليهم من مظالم المؤمنين ولا يتحملها، وهذا تناقض ظاهر، لا يجوز حمل الكلام على المعنى المستلزم له، صونا للقول المنسوب إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن التناقض، لبطلان القول..
وإن كان المراد هو الثاني ليكون المعنى: إن الله يتحمل عن محبي أهل البيت (عليهم السلام) مظالم غير المؤمنين من سائر الفرق، صح الكلام ووافق بعضه بعضا.
والظاهر أن هذا المعنى هو المراد من الخبر، بل لا يصح إرادة غيره، والمزية لمحبي أهل البيت (عليهم السلام) على هذا الفرض أن الله تعالى يتحمل عنهم مظالم غير المؤمنين من سائر فرق الناس، بأن يعوض المظلومين أعواضا تفي بما لهم على محبي أهل البيت (عليهم السلام) من الحقوق، أو تربي عليها بحيث يرضون بها عن الاقتصاص لهم من محبي أهل البيت..
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست