مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ١٢٢
وأما لو بلغ المقتضي لما هو راجح درجة لا يمكن معها اعتماد التأويل وبأي نحو، فحينئذ ستتكافأ جميع وجوه الخبر ويعود متشابها، ويرجع في تفسيره إلى المحكم إن وجد، وإلا فالتوقف كما هو مقرر في محله.
وعلى هذا قد يلغي الطرف الراجح بقية الوجوه الأخر - وإن كانت محتملة - في ما لو بلغ مقتضيه درجة التواتر، لأن درجة احتمالها ستهبط إلى أدنى المستويات إلى أن تتلاشى بفعل قوة الوجه الآخر المؤيد بالتواتر.
وقد مر ما له صلة بهذا في صفة تأويل الخبر عند الشيخ (قدس سره)، ونعني به الخبر المختلف الذي لم يترجح من وجوهه المحتملة سوى وجه واحد فقط، وكان المقتضي للحمل عليه خبر متواتر.
وجدير بالذكر هنا هو أن المقتضي لحمل الخبر المختلف على أحد الوجوه قد لا يكون مقتضيا لذلك في الواقع، وإنما خفي على صاحب التأويل ذلك، فأخذ بالمحتمل الضعيف، أو بما هو ليس بمحتمل أصلا وعده راجحا وترك الراجح بعد أن جعله محتملا، كما نشاهده في كثير من تأويلات علماء العامة لأخبار النزول مثلا!
ومن هنا يعرف السر وراء رد الشيخ الطوسي (قدس سره) لجملة كثيرة من تأويلات العامة سواء على مستوى تأويلهم للآيات - كما مر بنا في بيان دور الشيخ في التفسير وعلوم القرآن -، أو الأخبار كتأويلهم حديث الغدير، لأنه استطاع وبكل جدارة أن يضع المقتضي لتلك التأويلات على محك النقد، ويكشف بالدليل عن هزاله وافتقاره لأي رصيد من الواقع.
وسيأتي - إن شاء الله تعالى - المزيد من التوضيح في مجال بيان دور
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست