مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٠٤
اعتبارا. ثم تعلم أن ناجم قريش - يعني رسول الله صلى الله عليه وآله - يكون رزؤه قليلا ثم ينقطع ويخلو.
إن بعد ذلك قرنا يبعث في آخره النبي المبعوث بالحكمة والبيان، والسيف والسلطان، ويملك ملكا مؤجلا تطبق فيه أمته المشارق والمغارب، ومن ذريته الأمير الظاهر، يظهر على جميع الملكات والأديان، ويبلغ ملكه ما طلع عليه الليل والنهار، وذلك - يا حار - أمل من ورائه أمد ومن دونه أجل، فتمسك من دينك بما تعلم وتمنع - لله أبوك - من أنس متصرم بالزمان أو لعارض من الحدثان، فإنما نحن ليومنا ولغد أهله.
فأجابه حارثة بن أثاك، فقال: إيها عليك أبا قرة! فإنه لاحظ في يومه لمن لا درك له في غدوه، اتق الله تجد الله جل وتعالى بحيث لا مفزع إلا إليه، وعرضت مشيدا بذكر أبي واثلة، فهو العزيز المطاع، الرحب الباع، وإليكما معا يلقى الرحل، فلو أضربت التذكرة عن أحد لتبزيز فضل لكنتماه، لكنها أبكار الكلام تهدى لأربابها، ونصيحة كنتما أحق من أصغى لها، إنكما مليكا ثمرات قلوبنا، ووليا طاعتنا في ديننا فالكيس الكيس - يا أيها المعظمان - عليكما به، أرمقا ما يدهكما نواحيه وأهجرا التسويف في ما أنتما بعرضه، آثرا الله في ما كان يؤثركما بالمزيد من فضله، ولا تخلدا في ما أظلكما إلى الونية، فإنه من أطال عنان الأمر أهلكته الغرة، ومن اقتعد مطية الحذر كان بسبيل آمن من المتالف، ومن استنصح عقله كانت العبرة له لا به، ومن نصح لله عز وجل آنسه الله جل وتعالى بعز الحياة وسعادة المنقلب.
ثم أقبل على العاقب معاتبا فقال:
وزعمت - أبا واثلة - أن راد ما قلت أكثر من قائله، وأنت لعمر الله
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست