مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٥ - الصفحة ١٣٢
أبو سعيد الخدري فشهد له عند عمر، فقال عمر: خفي علي هذا من أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ألهاني الصفق بالأسواق! (1).
فهذه سنة مشهورة كان يتعلمها أصاغر القوم، وقد خفيت عليه..
وكذا غاب عنه حكم السقط، حتى أخبره المغيرة ومحمد بن مسلمة بقضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2)، وغير ذلك أيضا.
فهذه نافذة مطلة على حقيقة واقعة، وهي أن الصحابي ليس بوسعه أن يحيط بجميع السنة، أقوال النبي وأفعاله وتقريراته، فمنها ما يغيب عنه، فلا يشهده، ولا يسمع به بعد ذلك إلا في نازلة كهذه.
وأيضا فهم في ما يشهدونه على تفاوت كبير في الحفظ والوعي:
قال البراء بن عازب: ما كل الحديث سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان يحدثنا أصحابنا، وكنا مشتغلين في رعاية الإبل (3).
وقال مسروق - التابعي -: جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكانوا كالإخاذ (4)، الإخاذة تروي الراكب، والإخاذة تروي الراكبين، والإخاذة لو نزل بها أهل الأرض لأصدرتهم، وإن عبد الله - يعني ابن مسعود - من تلك الإخاذ (5).
ومسروق أيضا قال: شاممت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوجدت

(١) صحيح البخاري - الاعتصام بالكتاب والسنة - باب ٢٢ ح ٦٩٢٠، تذكرة الحفاظ ١ / ٦.
(٢) صحيح البخاري - الاعتصام بالكتاب والسنة - باب ١٣ ح ٦٨٨٧، تذكرة الحفاظ ١ / ٧ - ٨.
(٣) المستدرك، وتلخيصه ١ / ٣٢٦.
(٤) الإخاذ: واحدها إخاذة، وهي الغدير.
(٥) الطبقات الكبرى ٢ / 343.
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست