مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٧٢
اللفظ يدفع الذي قبله من حيث عدم تسلط السحر إلا على العين والفرج فحسب، فإنه مشعر، بل صريح في تأثيره في عقله صلى الله عليه وآله وسلم حتى صار لا يفهم - والعياذ بالله - ما دام مسحورا، وهذا من أشنع الأقوال وأفسد الآراء عند أولي البصائر والحجى، بل صريح الخبر أن السحر أثر في سمعه وبصره وكلامه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، فأقام لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم، وكذلك لا يأكل ولا يشرب، وهذا كله من أبين الأباطيل وأوضح الأضاليل، إذ كيف يصلح من جاز عليه مثل ذلك - من تعطيل الحواس واختلالها - لمنصب عظيم ومقام جسيم كالنبوة والرسالة والتبليغ عن الله تعالى شأنه وعز سلطانه.
وليعلم أن هذه المرويات وأضرابها لا تنفق في سوق الاعتقاد السديد وإن عزيت إلى الأئمة الهادين سلام الله تعالى عليهم أجمعين، ولا يعول عليها ذو مسكة، ولا يحتفل بشئ منها ذو لب ودين، لمعارضتها لصريح الكتاب العزيز وبداهة العقل.
وعلى تقدير ثبوتها، فإنها محمولة على التقية بلا ريب، لموافقتها لأحاديث مخالفينا واعتقادهم، وهذا أحسن ما يقال فيها على ذلك التقدير.
ومن القواعد المقررة عندهم أن المسائل الأصولية لا بد فيها من برهان قاطع ودليل جازم، فلا يجوز التعويل على الظنون في ذلك.
قال الإمام العلامة جمال الدين ابن المطهر - رحمه الله تعالى - في (مبادئ الأصول) (16): خبر الواحد إذا اقتضى علما ولم يوجد في الأدلة القاطعة ما يدل عليه وجب رده، لأنه اقتضى التكليف بالعلم ولا يفيده فيلزم تكليف ما لا يطاق. انتهى.
وبالجملة: فقد قرروا أن الحديث إذا جاء على خلاف الدليل من

(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست