مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٤ - الصفحة ١٢٨
وجوده، فهي:
عند البعض: إشراق وتوجيه غيبي، لا غير، ولذلك يقفون في تحديد أبعاد الركيزة " العقيدة " على التعبد بما ورد من قبل السمع، وما جاءت به نصوص الشرع من الحديث، والأثر، وما التزمه السلف! فيحددون " التفكير البشري " بإطار ما ورد من النص، وما ورد من أقوال الشارع، وآثار السلف المشروعة، فيما يجب على المسلم أن يعتقده ويفكر فيه، ويعرفه! لا يجوز له أن يعرف غيره، ولا يفكر فيه، ولا يبحث عنه، ولا يتجاوزه!
بينما عامة المذاهب الإسلامية - ومنهم الشيعة الإمامية - يرون أن حصر " العقيدة " في هذا الإطار يستتبع الدوران في حلقة مفرغة، حيث إن المفروض قبل التوجه إلى الحاجة، عدم وجود اعتقاد مسبق بما هو غيب، أو يسمى شرعا، أو حديثا، أو سمعا! فكيف يتم الالتزام بنفس الغيب؟! فضلا عن تحديد شئ بما يأتي عنه؟ وعلى أساسه؟!
وبعبارة أخرى: فإن الغيب الذي لم تتم القناعة بوجوده، كيف يتم إثبات شئ به؟! وكيف تحصل القناعة بشئ من خلاله؟! وهل فاقد الشئ يعطيه؟!
مع أن مثل هذا الاشراق، يعتمد نظرية " الجبر الإلهي " المرفوض علميا!
وقد اعتبر المسلمون - كافة - هذا النوع من الالتزام العقيدي، جمودا، وإخمادا للفكر الإنساني، واستبدادا بحق الإنسان في الفكر، ومصادرة لحريته!
بل، يلتزم المسلمون بأن الإنسان لا بد أن يتوصل إلى القناعة ومن خلال إحساسه - بفطرته ووجدانه - وأن يشعر - بنفسه - بلزوم ارتكازه على " ركيزة " ومنطلق، وأن يملك " مبدأ " لحركته، ومرجحا لتعيين اتجاه سيره في هذه الحياة، وعقيدة يحس بها بوجوده، ويعترف بها بكيانه، ويلتزمها بعقله وضميره، حتى تطمئن نفسه بأنها المحرك الصائب والموجه الأمين الرائد له.
ومنشأ هذه الضرورة عندهم:
إما إحساسه بفقدان شئ، والفقر إليه، والنقص عنده، ولزوم البحث
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 123 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست