مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٨ - الصفحة ٢٦٩
بعض...) (2). ويذكره الإمام الصادق عليه السلام ذكر التقديس والاجلال، داعيا إلى مدارسته والتفكر فيه، قائلا: (إن هذا القرآن فيه منار الهدى، ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره، ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور) (3)... إلى غير ذلك من أحاديث كثيرة تجدها مبسوطة في مظانها، وكلها حث على تعلم القرآن، وتعليمه، والتمكث في أفيائه الظليلة. مما كان له تأثير في نفوس أجله علماء التراث الاسلامي الباذخ، بحيث لا يخلو تراث أي عالم منهم من جهود تصب في هذا التيار القرآني المتصاعد، كما ونوعا.
ولقد وجدنا في بيئة اللغويين توجها خاصا يتمثل في الاستفادة من آيات القرآن العظيم في فهم المعاني اللغوية للألفاظ، على سبيل الاسترشاد والاستشهاد.
ومن هؤلاء العلماء أحمد بن فارس الذي وجدنا عنده نهجا خاصا في تفسير القرآن العزيز، نهجا ينبني على نظر صاف إلى النص القرآني المقدس، في التبين والاستبانة (4). ولقد عن لي - وأنا أتابع تراث هذا العالم الجليل - أن له في كتبه المتبقية، ما يمكن أن يشكل رؤية تفسيرية ذات نفع لهذه الأمة الناهضة التي تروم تجديد عهدها بكتابها الأول الذي تدور في كونه الرحيب سائر الكتب.
لذا عكفنا على ما تبقى من تراث ابن فارس، نستخرج منه تفسيره للقرآن سواء ما كان معدودا في الجانب النظري، أم ما كان في الجانب التطبيقي العملي. حتى استقام لنا هذا التفسير، الذي نأمل أن يكون ذا فائدة للقارئ الباحث الغيور على تراثه الجليل.
وإني - في هذا التقديم - أصبو إلى أن تتقبل مؤسسة آل البيت عليهم السلام، بالغ شكري وتقديري، على اهتمامها بهذا التفسير، سائلا المولى القدير أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى.
د. هادي حسن حمودي

(٢) نهج البلاغة، الخطبة رقم ١٣٣.
(٣) الكافي ٢ / 138.
(4) تنظر رسالتنا: AHMAD IBN FARS et sa me thode linguistique المقدمة إلى جامعة السوربون - باريس [165. chap. 1.. par. 11. p]
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست