مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٨٦
أقول: مراد الأسفار بالكمال هو المرتبة الأحدية، والنقص هو المرتبة الواحدية، ولا شك أنها نقص بالإضافة إلى الأحدية لوقوع الكثرة في هذه المرتبة، والمرتبة الأحدية هي البطون، أي الغيب المطلق الذي لا يخبر عنه، ويمكن أن يكون المراد بالنقص نفس الماهيات التي يعبر عنها بالأعيان الثابتة، أو الوجودات المقيدة بالحدود من حيث سعة المجال وضيقه، أعني التشكيك في اصطلاح العارف، فتبصر!
ثم العجب من صاحب الحكمة المنظومة حيث قال فيها في " غرر في ذكر الأقوال في العلم ووجه الضبط لها " ما هذا لفظه: " الشيخ العربي وأتباعه جعلوا الأعيان الثابتة اللازمة لأسمائه تعالى في مقام الواحدية علمه تعالى. وهذا أيضا مزيف من حيث إثباتهم شيئية للماهيات، وإسنادهم الثبوت إليها في مقابل الوجود، مع أنك قد عرفت أصالة الوجود ولا شيئية الماهية إلا أن يصطلحوا أن يطلقوا الثبوت على مرتبة من الوجود، كأنهم وضعوها، مبانا من حقيقة الوجود مرتبة منها، وقابلوها بها... " (35).
ولست أدري أنه رحمة الله - مع طول باعه في الحكمة المتعالية - كيف تفوه بهذا الرأي الفائل؟
وقد حققنا في تعليقاتنا على كشف المراد: أن الماهيات في اصطلاح الحكيم هي الأعيان الثابتة في اصطلاح العارف، وهي الصور العلمية بوجودها الأحدي، الذي هو عين الذات الصمدية، وقد اصطلح العارف أن يسمي العلم ثابتا، والعين وجودا، لا أن الثبوت واسطة بين الوجود والعدم، بل واسطة بين وجوده الخارجي والعدم، بمعنى أنه وجود علمي إلا أنه يسميه ثبوتا للفرق بين العلم والعين - اصطلاحا -، وتفصيل ذلك يطلب في تعليقنا على المسألة الثالثة عشرة من الفصل الأول من المقصد الأول من كشف المراد.
ثم إن كلام العلامة القيصري وصدر المتألهين على وزانه من أن نفس الأمر - عند التحقيق - عبارة عن هذا العلم الإلهي لصور الأشياء في غاية الأحكام والاتقان، لأن ما له نفيسة حقيقة لا بد أن يكون له وجود طبيعي، ووجود مثالي، ووجود عقلي، ووجود إلهي، والتفاوت بالكمال والنقص كالأبدان الإنسانية - مثلا - بل الإنسان

(35) الحكمة المنظومة: 160، الطبعة الأولى
(٨٦)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست