مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ١١٠
فقه اللغة (13).
ونستطيع تقريب ذلك بأن (الزمان الماضي) مثلا لا يفهم من لفظ (قام) وحدها، لا من مادتها، ولا من صيغتها، وإنما يفهم من سياق الجملة و (مقامها) فإن وقع الفعل في سياق الإخبار عن شئ دل على الزمن الماضي مثل (قام محمد) وإن وقع في سياق آخر غير الإخبار، كسياق الشرط مثلا، دل على الزمن المستقبل مثل: (إن قام محمد قمت) مع أن لفظ (قام) واحد في السياقين، فلو كان الزمان زمان الصيغة لما اختلف من سياق إلى سياق.
كذلك فإن صيغة (يفعل - يقوم مثلا - لا تدل على الزمان الحاضر والمستقبل إلا بسياق الجملة وقرائن أحوالها، ففي سياق الخبر تدل على (الحال) وفي سياق التسويف والنفي ب‍ (لن) تدل على الاستقبال (سوف يقوم) أو (لن يقوم)، وفي سياق النفي ب‍ (لم) أو (لما تدل على الماضي البعيد أو القريب (لم يقم.. ولما يقم) وهكذا.
وهذا إن دل على شئ فعلى أن الزمان نحوي لا صرفي، أي أنه يفهم من سياق الجملة وأسلوب تأليفها، لا من صيغة (فعل. يفعل).
ب - إن الزمان النحوي هذا، لا يقتصر على الجمل الفعلية وصيغ الأفعال، بل قد يفهم من الجمل الاسمية وصيغ الأسماء كالمصدر واسم الفاعل، فأنت تقول مثلا:
(أنا ضارب أخيك) فنفهم من سياق الخبر أن الزمان ماض، وتقول: (أنا ضارب أخاك) ونفهم من سياق (التهديد) أن الزمان مستقبل.
ونخلص من ذلك كله إلى أنه إذا كنا نفهم (الزمن المعين) من وقوع الفعل (قتل) أو الاسم (قاتل) في سياق معين معين دل ذلك أن الاقتران بالزمن ليس هو المائز بين الاسم والفعل، لأنه ليس زمانهما بل زمان الجملة.
يقول الدكتور إبراهيم أنيس - وهو يرد على النحاة ربطهم لصيغة الفعل بالزمن -: " وقد جعلوا ارتباط الفعل بالزمن عنصرا أساسيا، به يتميز الفعل من الاسم، وعز عليهم أن يروا فكرة الزمن تتحقق في المصدر كما تتحقق في الفعل، فجادلوا في هذا

(13) من أسرار اللغة: 165
(١١٠)
مفاتيح البحث: القتل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست