في ظل أصول الإسلام - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢١
فأجران، وإن أخطأ فأجر واحد.
(قال): وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي، وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة (رض) لا نعلم منهم خلافا في ذلك أصلا.
وقال شيخ الإسلام تقي الدين السبكي: إن الإقدام على تكفير المؤمنين عسر جدا، وكل من كان في قلبه إيمان يستعظم القول بتكفير أهل الأهواء والبدع مع قولهم لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فإن التكفير أمر هائل عظيم الخطر (إلى آخر كلامه وقد أطال في تعظيم التكفير وتفظيع خطره) (1).
وكان أحمد بن زاهر السرخسي (وهو أجل أصحاب الإمام أبي الحسن الأشعري) يقول: لما حضرت الشيخ أبا الحسن الأشعري الوفاة بداري في بغداد أمرني بجمع أصحابه فجمعتهم له فقال: اشهدوا علي أنني لا أكفر أحدا من أهل القبلة بذنب، لأني رأيتهم كلهم يشيرون إلى معبود واحد، والإسلام يشملهم ويعمهم (2).
وقال القاضي عبد الرحمان الإيجي: جمهور المتكلمين والفقهاء على أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة - ثم استدل قائلا -: إن المسائل التي اختلف فيها أهل القبلة من كون الله تعالى عالما بعلم، أو موجدا لفعل العبد أو غير متحيز ولا في جهة ونحوها لم يبحث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اعتقاد من حكم بإسلامه فيها ولا الصحابة ولا التابعون، فعلم أن الخطأ فيها ليس قادحا في حقيقة

(1) اليواقيت والجواهر: 58.
(2) اليواقيت والجواهر: 58.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»