شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٤١٥
المائدة.
والآن كيف تفسر كلام ابن حجر وترحمه على معاوية وجعله خصما يترحم عليه وهو لا يخفى عليه فضائل علي عليه السلام في الكتاب والسنة وفضائله وسبقه وتقواه وإخلاصه وشجاعته ونصيحته وقربه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما لا يعد ويحصى له من المناقب ولغيرته يمثل معاوية من حارب المسلمين ونبي الإسلام وذريته صلوات الله وعليه وعلى آله وسلم وخيرة صحابته وفتك بهم قتلا وتشريدا واستباح دماءهم وأعراضهم وأموالهم وأعماله وجناياته وينسى أو يتناسى قول الله (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون).
ولقد حاول معاوية وماطل عليا عليه السلام حتى أقام جرير بن عبد الله عند معاوية ثلاثة أشهر وهو لا يعطيه القول القاطع ويماطله وخلالها يهئ نفسه ما استطاع ويدبر كيده ويخالف ويستوثق من شد رباطه وإحكام أعماله حتى طلب أمير المؤمنين علي عليه السلام من جرير القول الفصل وكانت المراسلات غير منقطعة بين علي عليه السلام ومعاوية ولم يترك معاوية منفذا لتوثيق أمارته وتضعيف خلافة علي عليه السلام وبعد أن اشتدت الحرب كتب معاوية إلى علي عليه السلام رسالته وربما أراد بذلك درس نفسيته وشدة بأسه فقال معاوية:
رسالة معاوية بعد الحروب أما بعد: فإنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت، لم يجنها بعضنا على بعض، ولئن كنا قد غلبنا على عقولنا لقد بقي لنا منها ما نندم به على ما مضى، ونصلح به ما بقي، وقد كنت سألتك الشام على أن لا تلزمني لك بيعة وطاعة فأبيت ذلك علي، فأعطاني الله ما منعت، وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس، فإني لا أرجو من البقاء إلا ما ترجو، ولا أخاف من الفناء إلا ما تخاف وقد
(٤١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 410 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 ... » »»