شرح القصيدة الرائية ، تتمة التترية - الدكتور جواد جعفر الخليلي - الصفحة ٣٠٩
السبق للتقرب إلى عمر وإبراز آخر ما يستطيع تقديمه من المساعدة وإعلان الولاء لابن الخطاب، وقد مر ورأينا اعتراض الصحابة وطلحة. لكننا نرى عمرا كتمها في نفسه وضل لا ينسى يد عثمان الطولى عليه لمده بالعون ورد له الجميل وعرف بنو أمية من أين تؤكل الكتف وهم أهل الدنيا ولا يهمهم غيرها فكل شئ فداء لغاياتهم وما عليهم سوى جلب رضاء الخليفة والالتفاف حوله وإحاطته بكلما يجلب اعتماده وتأييده حتى لم يجد الخليفة مناصا سوى ولائهم وحتى قدمهم على أولاده. وهو لا يغرب عنه إن عبد الله بن عمر الذي صرح عنه إنه لا يحسن أن يطلق زوجته لا يستطيع لو أناط له الخلافة المحافظة عليها وما هي إلا أيام حتى يقضي عليه المسلمون لسوء تصرفاته وعندها تعود حتما لبني هاشم المحبوبين من المسلمين وأكثر الصحابة العارفين مكانتهم فما عليه إلا منع الحديث ومنع وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاطبة لطمر وإخفاء فضائلهم ومناقبهم من جهة ومن جهة ثانية العمل بما شاؤوا دون أن يعرف أحد إنهم خالفوا سنة أو حديثا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (ومنها أمره (صلى الله عليه وآله) إبعاد أبناء الطلقاء عن العبث بالدين والدولة)، وهكذا ضل عمر يمشي على سياسته العدائية المبعدة لبني هاشم والودية لأندادهم وخصومهم وتقريبهم حتى طعن وعندها نفذ آخر وأمضى ما في نفسه من الضربة القاصمة بعمل الشورى التي لم يسبق لها مثيل من الأحكام الاستبدادية في العالم وقد مر أثرها ومخلفاتها التي أحرق بها المكتبات الإسلامية ولم يبق بها سوى الأنقاض المحطمة والأشلاء المتلاشية وهذا عثمان الذي تنبأ عمر بمجيئه واستخلافه وتقريب بني أمية وآل بني معيط حوله وإطلاق يدهم في نفوس وأموال المسلمين والدين الإسلامي يتخذون دينه دغلا وعباده خولا وماله دخلا. لا يردعهم شرع ولا وجدان، لا نصوص رادعة ولا سنن مانعة ولا قلوب خاشعة ولا آذان سامعة، يدني الأذناب الملاعين من الطلقاء الأشقياء ويبعد الأولياء والصحابة
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»