سياسة الأنبياء - السيد نذير يحيى الحسيني - الصفحة ١٢٩
هم أرواح وأجساد يخافون من الله الذي إليه منقلبهم ومثواهم.
وبدأت الرسالة تأخذ طريقها في الحياة وبدأ الالتفاف عليها من قبل الناس لما فيها من قابليات وإمكانيات قادرة على قلب الموازنة مع فرعون وجنوده، وهذا درسا آخر من دروس الحياة وهي المواجهة الإيمانية بروح صادقة مع الله عالية الهمة تنظر إلى ذلك اليوم الذي يحشر الناس فيه للحساب وأن لا تعير أي أهمية للنتائج الدنيوية الحاضرة لأنها زائلة وبهذا المنطق يتحقق النصر وتسموا الأمم وتبنى الحضارات.
ثم أخذ السحرة بعد ذلك كله زمام الدعوة إلى الله وأخذوا يبشرون برسالة السماء * (إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهنا عليه من السحر والله خير وأبقى وإنه من أتى ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى) * (1).
فيا لها من كلمات صعبة تثقل مسامع فرعون من هؤلاء الذين حشرهم لينتصر بهم، فانتصروا عليه وآمنوا بالله العزيز ليغفر لهم ما قدموا من خطايا وذنوب لفرعون وجلاوزته وتابوا إلى الله توبة نصوحة تمحي فيها أثار السيئات وتبدأ بها الحسنات لينالوا الجنات والحياة الكريمة الهانئة.
ولادة المجتمع الجديد بدأت الدعوة إلى الله تأخذ طريقها داخل المجتمع، وبدأ وعلى العادة الفقراء والمستضعفين بالانضواء تحت رايتها، وبدأ المجتمع الرسالي يتكون من داخل

(١) طه: ٧٣ - 76.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»