رؤية الله في ضوء الكتاب والسنة والعقل - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٣٣
إثبات صفة نقص.
ولا يجوز أن يكون مخصوصا بقوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) لأن النظر محتمل لمعان، منه انتظار الثواب كما روي عن جماعة من السلف، فلما كان ذلك محتملا للتأويل لم يجز الاعتراض عليه بما لا مساغ للتأويل فيه، والأخبار المروية في الرؤية إنما المراد بها العلم لو صحت، وهو علم الضرورة الذي لا تشوبه شبهة ولا تعرض فيه الشكوك، لأن الرؤية بمعنى العلم مشهورة في اللغة (1).
العاشر: إن من كتب حول الرؤية من إخواننا أهل السنة - من غير فرق بين النافي والمثبت - فقد دق كل باب، ورجع إلى كل صحابي وتابعي، ومتكلم وفيلسوف، ولكن لم يدق باب أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وفي مقدمتهم الإمام علي (عليه السلام) باب علم النبي وأقضى الأمة وأحد الثقلين اللذين تركهما النبي (صلى الله عليه وآله) لهداية الأمة، فقد طفحت خطبه التوحيدية بتنزيهه سبحانه عن رائحة التجسيم وشوب الجهة وإمكان الرؤية، فبلغ رسالات الله التي تعلمها في أحضان النبي (صلى الله عليه وآله) بأبلغ بيان.
ولو ذهبت العدلية كالمعتزلة والإمامية إلى امتناع الرؤية فقد أخذوا منه، وتعلمت من منهجه، فبلغت الغاية في التنزيه حسب إرشاداته، كما صرح بذلك غير واحد من أئمة العدلية، وقد ذكرنا بعض خطبه فيما مضى، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى خطبه (عليه السلام) في نهج البلاغة، وإلى كلمات أبنائه الطاهرين في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

(١) محمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن 3: 4.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133