بحوث قرآنية في التوحيد والشرك - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٣٤
والتذلل.
ويقول الراغب في المفردات: العبودية: التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل.
وفي القاموس المحيط: العبادة: الطاعة.
إلى غير ذلك من التعاريف المتقاربة.
ومن المعلوم أن هذه تعاريف بالمعنى الأعم، إذ ليس مجرد الخضوع والتذلل ولا غايتهما حدا للعبادة، فإن حب العاشق للمعشوق لا يعد عبادة له، كما أن تقبيل المصحف الكريم ليس عبادة للكتاب، وأوضح من ذلك أن سجود الملائكة لآدم، كقوله سبحانه: * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس أبى) * (1) وسجود النبي يعقوب " عليه السلام " وزوجه وأولاده ليوسف " عليه السلام "، كما في قوله سبحانه: * (ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا) * (2) لم يك عبادة للمسجود له، أعني آدم أبا البشر ولا النبي يوسف " عليه السلام ".
وقد بلغ خضوع الصحابة للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بمكان أنهم كانوا يتبركون بفضل وضوئه وشعر رأسه، والإناء الذي يشرب منه الماء، والمنبر الذي كان يجلس عليه، ومن الواضح أن هذا النوع من التبرك غاية الخضوع منهم للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " ومع ذلك لم يبلغ حد العبادة ولم يصفهم أحد بأنهم كانوا

1. الحجر / 30 - 31.
2. يوسف / 100.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»