من الداني كالايجاب من العالي مما يتحقق بحقيقته، وترتب استحقاق العقوبة على مخالفته وعدمه لا ربط له بحصول الوجوب بايجابه، وهو أيضا غير مربوط بباب الاعتبارات التي يختلف باختلاف الأنظار، بل الايجاب أمر انتزاعي من منشأ واقعي هو عين الانشاء المنبعث عن إرادة حتمية.
إذا عرفت ما رسمناه من الأمور تعرف أن حق القول في مسألة تعقب الايجاب بالقبول أنه أجنبي عن مرحلة المعنى والمفهوم، الذي هو محل الكلام في مقام تحديد البيع وشرح ماهيته، وأنه دخيل في التمليك الاعتباري المعاملي البيعي الذي هو على الفرض تمليك عقدي عرفا وشرعا، وإن قصد إيجاد الملكية الاعتبارية - بحيث يكون مصداقا للبيع بمجرد إيجابه - قصد أمر محال، لا يتمشى من العاقل غير الغافل، وأن حصولها في نظره دون نظر العرف والشرع لا محصل له كما عرفت.
وأنه لا فرق بين الكسر والانكسار وإيجاد الملكية الاعتبارية ووجودها، وإن هذا المعنى محفوظ في الايجاب والوجوب أيضا، غاية الأمر أنه أمر انتزاعي لا يتوقف على غير إنشائه، بخلاف التمليك البيعي الحقيقي فإن خارجية إيجاد الملكية الاعتبارية التسبيبية بخارجية وجود الملكية من الشرع أو العرف فقط، وهي على الفرض متوقفة على العقد، دون خارجية الوجوب، فإنه بعين خارجية الانشاء المزبور، لا بخارجية إيجاب شرعي أو عرفي.
ومن جميع ما ذكرنا تبين مواقع النظر في كلامه (قدس سره):
أحدها: (وإنما هو فرد انصرف إليه اللفظ... الخ (1) فإنه مبني على أن لفظ البيع موضوع للتمليك الانشائي، وهو مدلول الهيئة فيما إذا قصد بها انشاء الملكية، فإنه الذي ينقسم إلى المثمر وغيره باعتبار استجماع الشرائط، ومنها القبول وعدمه.
وأما على ما حققناه على وجه يستحيل غيره، فاللفظ موضوع لطبيعي التمليك بعوض على الوجه المتقدم من إرادة الحصة، والوجود مطلقا خارج عن الموضوع له،