يمكن اتيان الفعل المعنون بهذا العنوان في ذاته بقصد عنوانه من أي شخص كان، حيث لا يتفاوت تعنون الفعل بهذا العنوان بتفاوت الأشخاص وإن كان صيرورته عباديا بقصده لا بد فيها من انتسابه إلى من كان مضايف العنوان فعليا فيه.
ولا يخفى عليك أنه لا منافاة بين ما ذكرنا وما اشتهر من أن الأمر للبعث والتحريك، وذلك لأن مفاد الهيئة مثلا نزل منزلة التحريك الخارجي، ومن البين أن التحريك الخارجي عن الحركة كالايجاد والوجود، فلا يعقل أن يكون التحريك غاية للحركة أو أن يكون وجوده العلمي علة غائية لوجودها، فكذا التحريك الاعتباري المطابق للتحريك الخارجي ايجاد تشريعي من المولى لمفاد المادة من العبد. وحيث إن متعلقه فعل اختياري فلا بد من أن يكون موافقة ما أمر به وحركه المولى نحوه علة غائية لحركته نحو المادة، وبهذا الاعتبار نقول إن الأمر لجعل الداعي.
فتدبر جيدا. ولعله لوضوح هذا عند المشهور لم يتعرض أحد منهم للاشكال في قصد الامتثال من ناحية عدم الأمر، وإنما تعرضوا لمنافاة أخذ الأجرة لقصد القربة فقط.
وأما الجهة الثالثة من الاشكال: فهي ما قدمناه من أن التقرب المعنوي كالتقرب الحسي، ومن الواضح أن التقرب والقرب كالايجاد والوجود، فلا يعقل تقرب النائب وحصول القرب للمنوب عنه. وما لم ينتسب إلى المنوب عنه عمل قربي له لم تفرغ ذمته عن العمل القربى المكلف به.
وهذا اشكال تفطن له شيخنا الأستاذ " قدس سره " وتبعه عليه بعض أعاظم العصر " قدس سره " وهذا الاشكال ألجأ شيخنا الأستاذ " قدس سره " إلى الالتزام بعدم لزوم قصد التقرب على النائب وإن رضى المنوب عنه بما نسب إليه كاف في مقربية العمل له، كما ألجأ بعض الأعاظم " رحمه الله " إلى إنكار النيابة بالمعنى المعروف وارجاع النيابة إلى ما يساوق اهداء الثواب. إلا أنك بعد ما عرفت من الجواب عن الجهة الثانية تعرف الجواب عن هذه الجهة أيضا، لأن التقرب والقرب وإن كانا من قبيل الايجاد والوجود إلا أن التنافي بين تحصيل النائب القرب لنفسه وحصول القرب للمنوب عنه، وأما تحصيل القرب للمنوب عنه فهو مع حصول