الزيارة في الكتاب والسنة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٩
القيام على القبر هو وقت الدفن فقط، لأن المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن، كما كان بالنسبة للصلاة، ولفظة أبدا المقدرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل، فهذا يدل على أن القيام على القبر لا يختص بوقت الدفن.
وإن قال قائل: إن لفظة أبدا المقدرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الأفرادي.
قلنا: قد سبق الجواب عليه، وأن لفظة أحد للاستغراق الأفرادي، لا لفظة أبدا فهي للاستغراق الزماني.
فيكون معنى الآية الكريمة: أن الله تعالى ينهى نبيه (صلى الله عليه وآله) عن مطلق الاستغفار والترحم على المنافق، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء، وينهى عن مطلق القيام على القبر، سواء كان عند الدفن أو بعده.
ومفهوم ذلك هو أن هذين الأمرين يجوزان للمؤمن.
وبهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه، حتى بعد مئات السنين.
هذا بالنسبة إلى المرحلة الأولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن، وأما بالنسبة إليها من ناحية الأحاديث فإليك بيانها:
زيارة القبور في السنة النبوية إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) جسد بعمله مشروعية زيارة القبور - مضافا إلى أنه أمر بها كما مر - وعلم كيفيتها وكيف يتكلم الإنسان مع الموتى، فقد ورد في غير واحد من المصادر، أنه (صلى الله عليه وآله) زار البقيع، وإليك
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»