الوزن فيه ملحوظا أيضا بحيث إنه لو نقص عن هذا الوزن كان معيوبا فلا يضر عدم كيله أو وزنه. وكذلك تختص بما إذا كان عدم كيله مستلزما للجزافية، وأما إذا خرج عنها ولو لكونه مضبوطا في نفس الأمر وإن كان مجهولا عند المشتري بل البائع فلا يضر عدم كيله ووزنه، وبهذا المناط يحكم بصحة المعاملة بالدراهم والدنانير، وإن لم يعلم مقدارهما من حيث الوزن فإن السكة طريق إلى مقداره المقرر عند السلطان.
وبهذا الوجه فصل الصادق (عليه السلام) بين الدراهم الوضاحية وغيرها (1)، فإن الدراهم الوضاحية هي الدراهم الصحيحة التي لا تنقص عن الوزن شيئا. وأما غيرها فمن جهة نقصانها الموجب للغش نهي عن المعاملة بها إلا بعد بيان مقدار نقصها.
وبالجملة: عدم اعتبار الكيل والوزن في الدراهم والدنانير إما لكون مقدار ماليتها بالعدد والوزن بمنزلة وصف الصحة، وإما لأن السكة طريق إلى مقدارها، فيخرج عن كونه من بيع الجزاف.
وكيف كان فلا شبهة في صحة بيع ما يكال بكيل مجهول عند المشتري - كالغريب الوارد إلى بلد - فإنه وإن لم يعلم غير العراقي بمقدار الحقة ولا العراقي بمقدار المن الشاهي أو التبريزي إلا أن المن أو الحقة حيث إنه مضبوط في الواقع يخرج المعاملة به عن كونها معاملة جزافية.
وحاصل الكلام: أنه يستفاد من أدلة اعتبار الكيل والوزن أمران:
أحدهما: أن اعتبارهما إنما هو لكونهما طريقا إلى مقدار الشئ وكميته، فلو كان له طريق آخر، كسكة السلطان ونحوها فلا دليل على اعتبارهما. وبهذا المناط يصح شراء المكيل بلا كيل لو أخبر البائع بكيله وكان موثوقا به، ويصح كيل المعدود ووزن المكيل.
ثانيهما: كون البيع بدونهما جزافيا فلو لم يكن كذلك يكفي الكيل والوزن وإن