بهذا المضمون ظاهر في النهي عن بيع العين الشخصية التي للغير من المشتري ثم مضى البائع لأن يشتري من صاحبها ويسلمها إلى المشتري، لأن بيع الكلي سلفا أو حالا جائز باتفاق الفريقين مع أن المبيع ليس عنده، فهذا النهي يدل على اعتبار المالكية في ناحية المسبب، وأن المشتري لا يملك ما باعه الدلال من مال غيره، وغير ناظر إلى النهي عن إجراء العقد فلا دلالة فيه على أن الملكية لا تحصل للمشتري بإجازة مالكه بعد إنشاء البيع من حكيم بن حزام وغيره.
وأما رواية الحميري فدلالتها على صحة الفضولي أظهر من دلالتها على فساده، فإن مقابلة الرضا بالأمر في قوله - أرواحنا له الفداء -: " إن الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا عن مالكها أو بأمره أو رضا منه " (1) ظاهرة في كفاية الإجازة اللاحقة، فإن الرضا المقابل للشراء عن المالك أو بأمره هو الرضا اللاحق الذي هو عبارة عن الإجازة، لا الرضا المقارن فإنه متحقق حين الأمر.
فحاصل التوقيع: أن الضياع لا يجوز ابتياعها إلا بمباشرة المالك أو بوكالة منه أو بإجازته بعد ذلك.
وأما صحيح محمد بن مسلم (2) فلا يدل إلا على أن في مورد نزاع أهل النيل - التي هي بلدة بالفرات - وأهل الأستان (3) - التي هي بلدة ببغداد - لا بد من إحراز مالك الأرض، وأن المعاملة لا تصح إلا إذا اشتريت الأرض من أهلها. وليس في مقام أن إجازة المالك لا تنفع، أو أن الصيغة لا بد أن تكون مقرونة برضا المالك.
وأما صحيح محمد بن قاسم فهو على صحة الفضولي أدل، فإن الإمام (عليه السلام) قال: " قل: يمنعها أشد المنع " (4) أي لا يقبضها الثمن، ولم يقل بأن البيع لا يصح.