الانتصار - العاملي - ج ٥ - الصفحة ١٣٥
وكان أول ذلك في قوم نوح، قال الله سبحانه: (قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا، ومكروا مكرا كبارا، وقالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا).
(كانوا قوما صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم. فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ثم عبدتهم العرب بعد ذلك)، وقد حكى معنى هذا في صحيح البخاري عن ابن عباسي رضي الله عنهما، وقال قوم من السلف: (إن هؤلاء كانوا قوما صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمر فعبدوهم).
ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها:
(أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وذكرت له ما رأت فيها من الصور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)، وأخرج ابن جرير في تفسير قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى) قال: كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا على قبره... وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: (قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا أدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته) وفي صحيح مسلم أيضا عن ثمامة بن شفي نحو ذلك.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست