الأعلام من الصحابة والتابعين - الحاج حسين الشاكري - ج ٥ - الصفحة ١١٩
أبيها، واللوعة لا تفارقها، لكنها كانت ثابتة الجنان، وتقدمت بكل وقار ورزانة لم تزعزعها الأهوال، ولم تذهلها جسامة الحادث، فهوت على البقية الباقية من جسد أبيها تقبله وتقبل رأسه الشريف ثم هوت إلى الأرض تلتقط أعضاء أبيها المقطعة الواحدة بعد الأخرى التي فرقها زياد الدعي لتجمعها إلى صدرها وبين يديها وتقبلهما، قائلة يا أبتاه هل تجد ألما مما أصابك؟ فيجيبها الأب الصابر الصامد الثابت على الإيمان والذي يعاني من ألم جراحه المقطعة: لا يا بنية أبدا إلا كالزحام بين الناس، ثم حملت البقية الباقية من ذلك الجسد المقطع قربان العقيدة لتخرجه من دار الإمارة وقصر الطاغية الدعي زياد.
وما أن وقعت أبصار الناس عليه، حتى تجمعوا حوله ينظرون إليه ويسألونه عما جرى عليه، فيحدثهم الجريح ما شاء الله من الزمان، وهو يعاني من آلامه ويشخب من جراحه دما عبيطا، فكشف لهم حقيقة أساليب الحكم الأموي، ومروقهم من الدين، وأظهر مثالبهم ومخازيهم، حتى وصل الخبر إلى الدعي زياد لعنه
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»