الأسماء الثلاثة - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٤
ولكن المشرك يرى أن العزة بيد الأصنام والأوثان يقول سبحانه حاكيا عن عقيدته:
* (واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا) * (مريم / 81).
إن الموحد لا يثبت شيئا من صفاته سبحانه، وأفعاله، لغيره ولا يرى له مثيلا ولا نظيرا في الصفات والأفعال فهو المتفرد في جماله وكماله، وفي أسمائه و صفاته، وفي أعماله وأفعاله، ولكن المشرك يسوي الأصنام برب العالمين إذ يقول سبحانه حاكيا عنهم: * (تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين) * (الشعراء / 97 - 98) وإذا لم تكن التسوية متحققة في تمام الشؤون فقد كانت متحققة في بعضها فقد كانوا عندهم مالكين للشفاعة النافذة التي لا ترد، ولغفران الذنوب، فلأجل ذلك تركز الآيات على أن الشفاعة لله والمغفرة بيده، يقول سبحانه: * (قل لله الشفاعة جميعا) * (الزمر / 44) ويقول: * (ومن يغفر الذنوب إلا الله) * (آل عمران / 135) إن النبي إبراهيم يصف ربه بقوله: * (الذي خلقني فهو يهدين * والذي يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) * (الشعراء / 78 - 82) وهو في هذا المقام يحاول رد عقيدة المشركين حيث كانوا يثبتون بعض هذه الأفعال لما يعبدون من الأجرام السماوية والأرضية.
وحصيلة الكلام أن التاريخ القطعي وآيات الذكر الحكيم متفقان على أن خضوع المشركين لم يكن مجرد عمل دون أن يكون نابعا من الاعتقاد الخاص في حق معبوداتهم ولم تكن عقيدتهم سوى إثبات ما لرب العالمين من الشؤون، كلها أو بعضها لهم، ولأجل ذلك كانوا يتذللون أمامهم.
هذه هي الطريقة الأولى لاستكشاف مدخلية العنصر الأول في صدق العبادة وقد وقفنا عليها من طريق الامعان في عبادة الموحدين والمشركين وإليك الكلام في الطريقة الثانية.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الفصل الأول الإله في اللغة والقرآن الكريم 7
2 هل الإله بمعنى المعبود؟ 7
3 الإله في اللغة 7
4 مفهوم الإله في القرآن 12
5 الرب في اللغة والذكر الحكيم 15
6 التوحيد في الربوبية غير التوحيد في الخالقية 18
7 نتيجة هذا البحث: 25
8 خاتمة المطاف 26
9 الأولى: التوحيد في الذات 26
10 الثانية: التوحيد في الخالقية 27
11 الثالثة: التوحيد في الربوبية والتدبير 28
12 الرابعة: التوحيد في التشريع والتقنين 29
13 الخامسة: التوحيد في الطاعة 30
14 السادسة: التوحيد في الحاكمية 30
15 السابعة: التوحيد في العبادة 32
16 في تحديد مفهوم العبادة 33
17 العبادة في المعاجم والتفاسير 35
18 ليست العبادة نفس الخضوع أو نهايته 38
19 توجيه غير سديد 40
20 1 - نظرية صاحب المنار في تفسير العبادة 41
21 ويلاحظ على هذا التعريف: 41
22 2 - نظرية الشيخ شلتوت، زعيم الأزهر 42
23 3 - تعريف ابن تيمية 42
24 التعريف الصحيح: 43
25 العبادة هي الخضوع للشئ بما هو إله 43
26 أو: العبادة هي الخضوع للشئ بما هو رب 43
27 1 - الفعل أو القول المنبئ عن الخضوع والتذلل 44
28 2 - العقيدة الخاصة التي تدفعه إلى عبادة المخضوع له 44
29 عقيدة المشركين في آلهتهم 45
30 حكم التاريخ في عقيدة المشركين 45
31 قضاء الكتاب في عقيدة المشركين 48
32 التعريف المنطقي لمفهوم العبادة 52
33 الأول: التمعن في عبادة الموحدين والمشركين 53
34 الثانية: الإمعان في الآيات الداعية إلى عبادة الله، الناهية 55
35 عن عبادة الغير 55
36 التعاريف الثلاثة للعبادة 58
37 ثمرات البحث 59
38 1 - التوسل بالأنبياء والأولياء في قضاء الحوائج 59
39 2 - طلب الشفاعة من الصالحين 60
40 3 - التعظيم لأولياء الله وقبورهم وتخليد ذكرياتهم 61
41 4 - الاستعانة بالأولياء: 62
42 أسئلة وأجوبة 63
43 السؤال الأول 63
44 الجواب 63
45 1 - الشيخ جعفر كاشف الغطا (1156 - 1228) 63
46 2 - البلاغي النجفي (1284 - 1352 ه‍) 65
47 3 - القضاعي العزامي الشافعي (1284 - 1358 ه‍) 66
48 4 - فقيه العصر السيد الخوئي (1317 - 1412 ه‍) 70
49 ما هو المراد من العبادة في هذه الآيات؟ 72
50 الجواب 72
51 ما هو حكم إطاعة غير الله والخضوع له؟ 74
52 وأما الخضوع للغير فهو على أقسام: 75
53 دواعي العبادة لله سبحانه 77
54 1 و 2 - الطمع في إنعامه والخوف من عقابه 77
55 3 - كونه سبحانه أهلا للعبادة 78
56 خاتمة المطاف 79
57 الفوضى في التطبيق بين الإمام والمأموم 79
58 غيري جنى وأنا المعاقب فيكم 84
59 تصور خاطئ: 84
60 في حصر الاستعانة في الله 86
61 حصيلة البحث: 88
62 إجابة على سؤال 92
63 الجواب: 93