أولاد الإمام محمد الباقر (ع) - السيد حسين الزرباطي - الصفحة ٦١
العلويين مع هؤلاء القساة الغلاظ الشداد، الذين كشفوا بتصرفاتهم عن وجه المنصور الحقيقي وحقده وغلظته، فلئن حز أميره عيسى بن موسى رأس محمد بن عبد الله ومن تمكن منه من أهل المدينة فلقد كان المنصور نفسه له طريقته الخاصة بالفتك بأولاد الزهراء (ع). فلنسمع ما يقوله الطبري عن سيرة شخص المنصور، لما أتي - ببني الحسن إلى سجن الهاشمية قال: أتى بهم أبو جعفر فنظر إلى محمد بن إبراهيم بن حسن فقال: أنت الديباج الأصفر؟ قال نعم قال: أما والله لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحدا من أهل بيتك. ثم أمر بأسطوانة مبنية ففرغت ثم أدخل فيها فبني عليه وهو حي 1. وهذا واليه رياح بن عثمان الذي قال له المنصور حين ولاه المدينة ما وجدت لهم غيرك ولا أعلم لهم سواك فلما قدم رياح المدينة قام على المنبر فخطب خطبة له مشهورة: يا أهل المدينة أنا الأفعى ابن الأفعى ابن عثمان ابن حيان وابن عم مسلم بن عقبة المبيد خضراكم المفني رجالكم والله لأدعها بلقعا لا ينبح فيها كلب 2.
هذا غيض من فيض وقطرة من بحر الإرهاب الذي أحاط بأهل بيت النبوة من خيرة أبناء علي (ع) الذين لم يذعنوا لسلطان هؤلاء الفسقة الفجرة ولم يسلم من بطشهم القائم منهم بالسيف وغير القائم. ذكرناه شاهدا على معاناة العلوية من حكام عصرهم إذ ما زال كابوس طاغوت عنهم إلا واستخلف طاغوت آخر يفوق من سبقه ظلما. وجدير بنا أن نذكر شهادة لا شك في صدقها كتبت بعد فترة من هذه الأحداث

(١) - الطبري ج ٦ ص ١٧٩ حوادث سنة ١٤٤.
(٢) - تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٧٤ - 375.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»