شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٤٠٦
بالله وبرسوله من ذلك، فضرب على ظهرك وقال: إياك أن تكوني فيها؟ إياك أن تكونيها يا حميراء، أما أنا فقد أنذرتك. قالت عائشة: نعم، أذكر هذا.
ومنهم العلامة الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي الحنفي المتوفى سنة 739 في " الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان " (ج 8 ص 258 ط بيروت) قال:
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع وعلي بن مسهر، عن إسماعيل، عن قيس قال: لما أقبلت عائشة مرت ببعض مياه بني عامر طرقتهم ليلا فسمعت نباح الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا راجعة. قالوا: مهلا يرحمك الله! تقدمينا فيراك المسلمون فيصلح الله بك، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب.
ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه " تاريخ الأحمدي " (ص 167 ط بيروت سنة 1408) قال:
وفي " كنز العمال " عن أم راشد قالت: سمعت طلحة والزبير. يقول أحدهما لصاحبه: بايعته أيدينا ولم تبايع قلوبنا، فقلت لعلي فقال: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) (1).

(١) قال محمد بن عبد الله الإسكافي في المعيار والموازنة ص ٥٣:
فلما بلغه [أمير المؤمنين علي عليه السلام] رضي الله عنه وعن جميع المؤمنين مسير طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد صارت عائشة والزبير وطلحة وكل يدعي الأمر دون صاحبه يطلبه طلحة لأنه ابن عم عائشة ولا يرى الزبير إلا أنه أحق بالخلافة لأنه ختن عائشة، فوالله لئن ظفروا بما يريدون ولا يرون ذلك أبدا ليضربن طلحة عنق الزبير والزبير عنق طلحة، تنازعا شديدا على الملك، والله إن راكبة الجمل لا تصعد عقبة ولا تنزل منزلا إلا إلى معصية الله وسخطه حتى تورد نفسها ومن معها متألف الهلكة يقتل ثلثهم ويهزم ثلثهم ويتوب ثلثهم، والله لتنبحنها كلاب الحوأب، فهل يعتبر معتبر أو يتفكر متفكر؟ والله إن طلحة والزبير ليعلمان أنهما مخطئان وما يجهلان، ولرب عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه.
فتدبروا رحمكم الله هذه الأنباء ففيها التبيان والشفاء، وتفهموا ما يرد عليكم من الهدى، ولا يذهبن عنكم صفحا لتعلموا أن أموره مبنية على يقين متقدم، وعلم ثاقب وحجة بالغة. لا يهم عند الشدائد ولا يفتر عند النوازل، أمره في التقدم والبصيرة أمر واحد لا يضجع في القول، ولا يفتر عند الإقدام، ولا يفرق بين حاله أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وبين هذه الحال في الجهد والاجتهاد، والقوة والعزم والبصيرة في جميع أموره [فلاحظوا أحواله] لتعلموا أن أعماله مبنية على أساس اليقين، وأموره ماضية على البصيرة في الدين، وأن هذه الأفعال لا يبينها إلا علم نافذ و [أن] أموره لا تتسق ولا تتفق إلا لمن اعتمد على الثقة والمعرفة، وأيد بالنصر من الله والملائكة.
ثم قوله [عليه السلام] على المنبر: إنه لم ير إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل الله.
لا يجترئ من خالفه أن يدعي مثل هذه ولا يقدم أحد على تكذيبه، فأين هذه إلا له.
ثم نتبع هذا الكلام بأن نقول: [إنه كان يقول]: إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.
فهل تجد لمن خالفه مثل هذه الدعوى قبل النظر في الحجة؟ وما تجد لهم إلا عللا ملفقة ينكرها من سمعها، ويستدل على ريبة القوم بها وضعفهم عند ذكرها، فمرة يطلب بدم عثمان، ومرة بايعنا مكرهين، ومرة جئنا لنصلح بين الناس مع ما يرد عليهم من الاحتجاج، ممن رأى الاختلاف في قولهم والتناقض في منطقهم، وما تروون من تلون عائشة، وروايتكم عنها مرة: أخرج للإصلاح، ومرة تعزم على الرجوع عند تذكر الخطأ، وعند التوقيف لها [كذا].
هذه روايتكم ظاهرة مكشوفة في ماء الحوأب [بأسانيدكم] عن الشعبي، عن ابن عباس، قال: طرقت عائشة وطلحة والزبير ماء الحوأب ومن معهم ليلا وهو ماء لبني عامر بن صعصعة، فنبحتهم كلاب الحوأب، فنفرت صعاب إبلهم، فقال قائل: لعن الله أهل الحوأب ما أكثر كلابهم.
قالت عائشة: أي ماء هذا؟ فقال محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير: هذا ماء الحوأب، فقالت عائشة: والله لا صحبتكم ردوني ردوني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كأني بكلاب ماء الحوأب قد نبحت على امرأة من نسائي وهي في فئة باغية، ثم قال: لعلك أنت يا حميراء، قال: ثم دعا عليا فناجاه بما شاء.
ردوني. فقال لها الزبير: مهلا يرحمك الله، يراك الناس والمسلمون فيصلح الله ذات بينهم. وقال طلحة: ليس هذا بحين رجوع.
ثم جاء عبد الله بن الزبير، فقال: ليس هذا ماء الحوأب، وحلف لها على ذلك، قال: وهل من شاهد يشهد على أن هذا ليس ماء الحوأب؟ فأقاموا خمسين رجلا من الأعراب يشهدون أنه ليس ماء الحوأب، وجعلوا لهم جعلا، وكانت أول شهادة زور أقيمت في الإسلام.
فليعتبر من به حياة، وليذكر من كان له قلب واعلموا أن مثل هذه الأخبار لا تكون مفتعلة، وكيف افتعل مثل هذه الأخبار في عائشة ولم يفتعل مثلها في علي [وإنما مهدنا ذلك] لتعلموا أنه لو كان سبيلها التخرص والتقول لجاز لمن خالفه عليه مثلها، وهذه روايتكم لا تدفعونها والكذب من علي والمهاجرين والأنصار أبعد، ومن الأعراب والطغام وجند المرأة أقرب.
يقول علي رضي الله عنه وهو بالمدينة: ستنبحها كلاب الحوأب، وتقول هي لما رأت الماء ونبحتها كلاب الحوأب: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم [وذكرت] ما ذكرناه آنفا، [ثم قالت]: ثم دعا بعلي فناجاه.
هل يكون بيان أوضح [من هذا] من أن عليا لم يقدم ولم يحجم، ولم يقل، ولم يسكت إلا بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم قوله: لئن ظفرا بالأمر يعني الزبير وطلحة ليضربن بعضهم بعضا. وقد كان من تشاحهما على الصلاة وقتالهما عليها ما يحقق قوله رضي الله عنه.
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 403 404 405 406 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 3
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 32
3 مولد علي عليه السلام 33
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 41
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 50
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 57
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 57
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 58
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 58
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 68
11 جوابه عليه السلام لليهود 69
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 70
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 77
14 علمه عليه السلام بالجفر 87
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 93
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 101
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 101
18 حديث جابر وأنس بن مالك 102
19 حديث عبد الله بن مسعود 103
20 قول عمر علي أقضانا 106
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 120
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 125
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 129
24 من أقضيته عليه السلام 131
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 173
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 173
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 174
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 175
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 189
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 212
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 250
32 زهد علي عليه السلام وعدله 255
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 288
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 289
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 296
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 297
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 297
38 صدقات علي عليه السلام 301
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 305
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 338
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 339
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 341
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 344
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 351
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 357
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 363
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 374
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 396
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 399
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 399
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 403
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 405
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 412
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 414
55 قصة حرب الجمل 417
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 513
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 520
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 523
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 523
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 536
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 537
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 582
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 595
64 حديث أنس بن مالك 595
65 حديث أبى رافع 596
66 حديث جابر بن سمرة 597
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 603
68 حديث محمد بن الحنفية 603
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 604
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 606
71 حديث زيد بن وهب 609
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 610
73 حديث أبى الطفيل 611
74 حديث نبل بنت بدر 613
75 حديث سالم بن أبى الجعد 614
76 حديث عبيدة وأم جعفر 615
77 حديث عثمان بن مغيرة 616
78 حديث كثير وروح بن أمية 617
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 618
80 حديث عبد الله بن سبع 619
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 620
82 حديث والد خالد أبي حفص 620
83 ما روى جماعة مرسلا 621
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 624
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 643
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 644
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 653
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 662
89 محل دفن جثمانه الشريف 667
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 673
91 قتل ابن ملجم اللعين 673
92 أزواجه عليه السلام 674
93 أولاده الأشراف السادة 678
94 بعض مراثيه عليه السلام 686