شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٨ - الصفحة ١٦٣

ابن مالك بن حريث بن جابر بن راعي الشمس الأكبر بن يعمر بن عبد بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة. قال الزبير بن بكار: إنما سموا رعاة الشمس، لأن الشمس لم تكن تطلع في الجاهلية إلا وقدورهم تغلي للضيف، ولذلك يقول الحزين:
أنا ابن ربيع الشمس في كل شدة * وجدي راعي الشمس وابن غريب وكان الحزين شاعرا محسنا متمكنا، وهو القائل في عبد الله بن عبد الملك ووفد إليه إلى مصر وهو واليها يمدحه في أبيات:
لما وقفت عليه في الجموع ضحى * وقد تعرضت الحجاب والخدم حييته بسلام وهو مرتفق * وضجة القوم عند الباب تزدحم في كفه خيزران ريحها عبق.. البيت يغضي حياء ويغضى من مهابته.. البيت وكذا أوردها صاحب " زهر الآداب " للحزين في عبد الله بن عبد الملك، وكذا قال ابن أبي الإصبع في " تحرير التحبير " وفي " الحماسة البصرية ". قال الحزين الكناني، وهو أموي الشعر:
لما وقفت عليه والجموع ضحى.. البيت حييته بسلام وهو مرتفق.. البيت في كفه خيزران.. البيت لا يخلف الوعد ميمون نقيبته.. البيت كم صارخ بك من راج وراجية * يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم انتهى. فرواها مدحا في قثم بن العباس، لا في عبد الله بن عبد الملك.
قال الأصفهاني في " الأغاني ": الحزين الكناني من شعراء الدولة الأموية، حجازي مطبوع، وكان هجاء خبيث اللسان، لا يرضيه اليسير، ويكتسب بالشعر، وهجاء الناس، وليس ممن خدم الخلفاء، ولا انتجعهم بمدح، ولا كان يريم الحجاز حتى مات، حدث الزبير بن بكار عن عمه أن عبد الله بن عبد الملك، وكان من فتيان بني أمية وظرفائهم، وكان حسن الوجه والمذهب، لما حج قال له أبوه: سيأتيك الحزين الشاعر بالمدينة، وهو ذرب اللسان، فإياك أن تحتجب عنه، فلما كان في المدينة دخل الحزين عليه، فلما صار بين يديه، رأى جماله وبهاءه، وفي يده قضيب خيزران وقف ساكتا، فأمهله عبد الله، ثم قال: السلام عليك ورحمة الله أولا، فقال: وعليك السلام، ثم قال: وحيا الله وجهك أيها الأمير، إني قد كنت مدحتك بشعر، فلما دخلت عليك، ورأيت جمالك وبهاءك، أذهلني عنه، فأنسيت ما قد كنت قلته، وقد قلت في مقامي هذا بيتين، فقال: ما هما؟ قال: في كفه خيزران.. البيت. يغضي حياء.. البيت. فأجازه، فقال: أخدمني أصلحك الله، فقال: اختر أحد هذين الغلامين، فأخذ أحدهما، فقال له عبد الله: أعلينا تبقي! خذ الآخر، والناس يروون هذين البيتين للفرزدق في أبياته التي مدح بها علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما التي أولها:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.. البيت وهذا غلط من الرواة، وليس هذان البيتان مما يمدح به مثل علي بن الحسين عليهما السلام، لأنهما من نعوت الجبابرة والملوك، وليس كذلك، ولا هذه صفته عليه السلام، وله من الفضل ما ليس لأحد.
وأما الأبيات التي للفرزدق فيه، فحدثني أحمد بن أبي الجعد، ومحمد بن يحيى قالا:
حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا ابن عائشة قال: حج هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد أخيه ومعه رؤساء أهل الشام، فجهد أن يستلم الحجر، فلم يقدر من الزحام، فنصب له منبر، فجلس عليه ينظر إلى الناس، وأقبل علي بن الحسين، وهو أحسن الناس وجها، وأنظفهم ثوبا، وأطيبهم رائحة، فطاف بالبيت، فلما بلغ إلى الحجر، تنحى الناس كلهم، وأخلوا الحجر ليستلمه هيبة وإجلالا له، فغاظ ذلك هشاما، وبلغ منه، فقال رجل لهشام: من هذا أصلح الله الأمير؟ قال: لا أعرفه، وكان به عارفا، ولكنه خاف أن يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق، وكان لذلك كله حاضرا: أنا أعرفه، فسلني يا شامي، قال: ومن هو؟ قال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.. البيت هذا ابن خير عباد الله كلهم.. البيت إذا رأته قريش.. البيت وليس قولك من هذا.. البيت أي الخلائق.. البيت ليست.. البيت من يعرف الله.. البيت فحبسه، فقال الفرزدق:
أيحبسني بين المدينة والتي.. البيتان فبعث إليه هشام فأخرجه ووجه إليه علي بن الحسين عشرة آلاف درهم، وقال: اعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا في هذا الوقت أكثر من هذا لوصلناك به، فردها وقال: ما قلت ما كان إلا لله عز وجل، وما كنت لأرزأ عليه شيئا، فقال له: قد رأى الله مكانك، فشكر لك، ولكنا أهل بيت إذا أنفذنا شيئا لم نرجع فيه، فأقسم عليه، فقبلها.
ومن الناس من يروي هذه الأبيات لداود بن سلم في قثم بن العباس، ومنهم من يرويها لخالد بن زيد مولى قثم فيه، فمن رواها لداود في قثم أو لخالد فيه، فهي في روايته:
كم صارخ بك من راج وراجية * يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم أي العمائر ليست في رقابهم * لأولية هذا أو له نعم في كفه خيزران.. البيت يغضي حياء.. البيت وممن ذكرها له محمد بن يحيى الغلابي عن مهدي بن سابق داود بن سلم قال هذه الأبيات الأربعة في قثم بن العباس، وأن الفرزدق أدخلها في أبياته في علي بن الحسين عليهما السلام، سوى البيت الأول، وذكر الرياشي عن الأصمعي أن رجلا من العرب يقال له داود وقف لقثم، فناداه:
يكاد يمسكه عرفان راحته.. البيت كم صارخ بك من راج وراجية.... البيت فأمر له بجائزة سنية، والصحيح أنها للحزين في عبد الله بن عبد الملك، وقد غلط ابن عائشة في إدخاله البيتين في تلك الأبيات، وأبيات الحزين مؤتلفة منتظمة المعاني متشابهة، تنبئ عن نفسها وهي:
الله يعلم أن قد جئت ذا يمن * ثم العراقين لا يثنيني السأم ثم الجزيرة أعلاها وأسفلها * كذاك تسري على الأهوال بي القدم ثم المواسم قد أوطئتها زمنا * وحيث تحلق عند الجمرة اللمم قالوا دمشق ينبئك الخبير بها * ثم ائت مصر فثم النائل العمم لما وقفت عليها والجموع ضحى.. البيت حييته بسلام.. البيت
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 163 163 163 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإمام الرابع زين العابدين على بن الحسين عليه السلام مستدرك فضائل سيدنا الإمام السجاد عليه السلام 5
2 الإمام زين العابدين السجاد 13
3 تاريخ ميلاد الإمام السجاد ووفاته 16
4 كنيته عليه السلام 28
5 ألقابه عليه السلام ونقش خاتمه 30
6 زين العابدين 30
7 سيد العابدين 32
8 مستدرك عبادة سيد الساجدين عليه السلام 35
9 مستدرك شدة خشيته وخوفه عليه السلام من ربه 37
10 تلبيته عليه السلام 39
11 حاله عليه السلام عند الوضوء 41
12 صلاته عليه السلام كل يوم الف ركعة 44
13 مراعاته عليه السلام لراحلته 45
14 حاله عليه السلام عند صلاته 46
15 مهابته عليه السلام 48
16 سخاؤه وأنه قاسم الله ماله مرتين 49
17 إنفاقه عليه السلام سرا 50
18 آثار الجراب في ظهره عليه السلام 52
19 عطاءاته عليه السلام 57
20 اعتاقه عليه السلام العبيد 59
21 إنفاقه في طريق الحج 60
22 زهده عليه السلام 61
23 حلمه عليه السلام 63
24 بره عليه السلام بأمه 77
25 صبره عليه السلام على المكاره 78
26 مستدرك ما نقل من كراماته عليه السلام 80
27 كلامه عليه السلام في الدعاء 83
28 بعض أدعيته عليه السلام 85
29 من منظوم دعائه عليه السلام 90
30 مستدرك كلماته الشريفة 92
31 كلامه عليه السلام في السخاء 95
32 كلامه في القرآن 97
33 بعض كلماته عليه السلام 99
34 من كلامه في حب أهل البيت 106
35 من كلامه في عبادة العبيد 107
36 من كلامه في ذم التكبر 109
37 كلامه عليه السلام في القنوط من رحمة الله 110
38 كلامه في أهل الفضل والصبر وجيران الله تعالى 111
39 كلامه في الوصية لابنه 113
40 كلامه في الرياء وخلوص العمل 114
41 كلامه في وصف المؤمن والمنافق 114
42 كلامه في بدء الطواف بالبيت الحرام 115
43 كلامه في قصة زينب زوج النبي (ص) 116
44 بعض حكمه عليه السلام 117
45 كلامه عليه السلام في التقية 122
46 كلامه في ذم الضحك 123
47 كلامه في فقد الأحبة 125
48 كلامه في سبب عداوة قريش لعلي عليه السلام 128
49 كلامه في حب أهل البيت 129
50 كلامه في الخضر عليه السلام 131
51 كلامه مع الخضر 131
52 كلامه للمنهال بن عمرو 132
53 كلامه في شكر المخلوق والمؤاخاة 134
54 كلامه في محاسبة النفس 136
55 وصيته لابنه الباقر عليه السلام 141
56 كثرة بكائه عليه السلام 145
57 مستدرك ما قال فيه أعيان الصحابة والتابعين وغيرهم 149
58 أصح الأسانيد عند الزهري عن علي بن الحسين عليه السلام 154
59 قول مالك فيه 155
60 قول أبي حازم 157
61 قول سعيد بن المسيب 158
62 قول يحيى بن سعيد 159
63 قول زيد بن أسلم 160
64 قصيدة الفرزدق الميمية 162
65 حضوره في مجلس ابن زياد ويزيد 189
66 أولاده عليه السلام 210
67 الإمام الخامس أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام نسبه الشريف وميلاده ووفاته 215
68 كنيته وألقابه عليه السلام 223
69 وجه تلقبه بالباقر 223
70 نقش خاتمه عليه السلام 228
71 ملبسه عليه السلام 230
72 إبلاغ جابر الأنصاري سلام النبي (ص) على ولده الباقر 232
73 عبادته عليه السلام 236
74 من كراماته عليه السلام 238
75 سخاؤه عليه السلام 240
76 وصاياه عليه السلام 241
77 من وصيته لعمر بن عبد العزيز الخليفة المرواني 242
78 كلامه عليه السلام 245
79 كلامه في البسملة 249
80 كلامه في أصحاب الخصومات 250
81 كلامه في جواب أسئلة هشام بن عبد الملك 251
82 شيعتنا من أطاع الله تعالى 258
83 كلامه في كلمات الفرج 260
84 كلامه في الخضاب 262
85 كلامه في البر 263
86 قوله في أحب الأسماء إلى الله وأبغضها 264
87 من كلامه المنثور والمنظوم 267
88 بكاؤه عليه السلام في المسجد الحرام 280
89 كلامه في البكاء من خشية الله تعالى 281
90 تعليمه الوليد الأموي ضرب الدنانير والدراهم والنقش عليها 282
91 رواية أخرى في الموضوع 285
92 عدد أولاده عليه السلام 288
93 كلمات أعيان العامة في حقه عليه السلام 289
94 كلام سلمة بن كهيل 289
95 كلام مالك بن أعين الجهني 290
96 كلام عبد الله بن عطاء 290
97 كلام سفيان بن عيينة 291
98 كلام صالح بن أحمد بن أبيه 291
99 كلام الحافظ العجلي وغيره 292
100 كلام أبي هريرة العجلي 293
101 كلام شيخ الجامع الأزهر 293
102 كلام فضل الله بن روزبهان الخنجي 299
103 الإمام السادس أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام نسبه الشريف وميلاده ووفاته 309
104 مستدرك كنيته ولقبه عليه السلام 318
105 نقش خاتمه عليه السلام 319
106 علمه عليه السلام 320
107 أخذ جماعة من أئمة العلم عنه عليه السلام 320
108 قوله (سلوني قبل أن تفقدوني) 321
109 علمه عليه السلام بالجفر 321
110 عبادته عليه السلام 324
111 حلمه عليه السلام 325
112 صفاته الخلقية 327
113 دعاؤه على الحكيم بن عباس وافتراس الأسد له 330
114 كلامه عليه السلام في الدعاء 331
115 استجابة دعائه واستخلاصه من شر المنصور العباسي 332
116 أدعية أخر له عليه السلام 341
117 دعاء له لدفع شر المنصور الدوانيقي 343
118 طرف من كلماته عليه السلام ووصاياه 345
119 وصيته لابنه موسى الكاظم 345
120 كلامه عليه السلام في القرآن 347
121 كلامه في خلق الذباب 348
122 كلامه للمنصور العباسي 351
123 مناظرته مع المعتزلة 353
124 مكالمته مع أبي حنيفة 356
125 كلامه لسفيان الثوري 360
126 مواعظه لعنوان البصري 365
127 كلامه لزعيم الديصانية 368
128 كلامه في الخصومة في الدين 381
129 كلامه في تحريم الربا 382
130 كلامه في مصحف فاطمة عليها السلام 387
131 من كلامه المنظوم 388
132 كلامه في صلة الرحم 390
133 كلامه في وصف النبي صلى الله عليه وآله 391
134 كلامه لمفضل بن عمر 393
135 نبذة من كلماته الشريفة المنيفة في التفسير وغيره 397
136 جملة من كلماته الشريفة 418
137 بعض وصاياه عليه السلام 424
138 تفسيره لبعض الآيات 425
139 كلمات علماء العامة في شأنه 438
140 قول مالك بن أنس 438
141 قول محمد بن إدريس الشافعي 441
142 قول عمر بن المقداد 441
143 قول أبي حنيفة النعمان بن ثابت 441
144 قول هياج بن بسطام 444
145 قول أبي حاتم وابن معين 444
146 قول الحافظ زين الدين العراقي وابن شاهين والعجلي 445
147 قول أبي زهرة 446
148 قول الشيخ أحمد محيي الدين العجوز 449
149 قول المستشار الجندي 467
150 قول ابن روزبهان 498
151 قول ابن العربي وغيره 507
152 قول الدكتور عميرة والعميد أسود 512
153 كلام المستشرق رونلدسن 528
154 أولاده عليه السلام الأشراف 535
155 الإمام السابع أبو الحسن موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام نسبه الشريف وميلاده ووفاته وألقابه وكناه 539
156 نقش خاتمه عليه السلام 543
157 قبض الرشيد عليه وشهادته في حبسه 543
158 عبادته عليه السلام وأدعيته 548
159 مستدرك كراماته عليه السلام 550
160 قبره الشريف ترياق مجرب لإجابة الدعاء 553
161 سخاؤه عليه السلام 554
162 خطابه للنبي (السلام عليك يا أبة) احتجاجه عليه السلام مع هارون الرشيد 561
163 كلماته عليه السلام 563
164 كلمات علماء العامة فيه عليه السلام 565
165 أولاده عليه السلام 589
166 الإمام الثامن أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام نسبه الشريف وميلاده ووفاته 593
167 كنيته عليه السلام ولقبه ونقش خاتمه 605
168 تزويج المأمون ابنته منه عليه السلام 606
169 وروده بنيسابور وحديث سلسلة الذهب 607
170 الرسالة الذهبية في الطب بعثها إلى المأمون 612
171 نبذة من كلماته الشريفة 614
172 كلامه في الإمامة 617
173 كلامه في العباس والشيعة 618
174 كلامه في من اسمه محمد 620
175 كلمات علماء العامة في شانه عليه السلام 622
176 القصيدة الثانية لدعبل الخزاعي 630
177 من ذكر الإمام الرضا عليه السلام 638
178 أبيات في مناقب الإمام الرضا للأمير محمد خان الشيباني خليفة الرحمن 681
179 أولاده عليه السلام 683