عيد الغدير في الإسلام - الشيخ الأميني - الصفحة ١١٨
إلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك، وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا في طاعتك، وذلك أنه سنتك الإفضال، وعادتك الإحسان، وسبيلك العفو.
فكل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدة بأنك متفضل على من عافيت، وكالمقر على نفسه بالتقصير عما استوجبت، فلو (1) أن الشيطان يختدعهم عن طاعتك، ما عصاك عاص، ولولا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق ما ضل عن طريقك ضال.
فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيت كلا منهما ما لم يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه.
ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لأوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية.
ثم لم تسمه القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على

(1) في المصدر: فلولا.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 » »»