الحصون المنيعة - السيد محسن الأمين - الصفحة ١٣٩
أمري ما استدبرت ما أهديت أو لفعلت مثل الذي أمرتكم فإنه عليه السلام لا يتمنى إلا الأفضل واعتذار ابن دقيق العيد عن ذلك فيما حكاه القسطلاني في شرح صحيح البخاري بأن التمني ليس لكونه أفضل بل لأمر خارج غير صحيح لأنه عليه السلام لا تأخذه في الله لومة لائم، ومراده بالأمر الخارج ما رآه من كراهة أصحابه للإحلال كما يدل عليه قولهم ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر منيا وغير ذلك كما مر.
(ورابعا) أن هذا الحمل يبطله قول عمران بن الحصين في الروايات السابقة أن القرآن لم ينزل بالتحريم ولم ينزل فيه قرآن يحرمه فإنه يدل على أنه علم التحريم من نهي عمر رضي الله عنه وهو كان أقرب عهدا به وأعرف بمذهبه من القاضي عياض، وكذلك قوله لم ينزل فيها كتاب ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه وآله إلى غير ذلك مما يدل على شدة إنكاره لنهي عمر عنها فإنه صريح أو كالصريح في أن عمر كان يحرمها وإلا فلو كان نهيه للعدول إلى أفضل الفردين فلا داعي لهذا الإنكار الشديد ولا وجه للاستدلال بفعل النبي صلى الله عليه وآله وعدم نهيه فإنه يجوز أن يفعل غير الأفضل وأن لا ينهى عن فعله مع فرض كونه أحد فردي الواجب المخير، وكذلك قوله إن عشت فاكتم عني فإنه لا داعي إلى الكتمان عنه إلا الخوف مع ما اشتهر من تحريم عمر للمتعتين وتهديده بالمعاقبة عليهما ولذلك
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»