(ما تجرع عبد قط جرعتين، أحب إلى الله من جرعة غيض ردها بحلم، وجرعة مصيبة يصبر الرجل لها، ولا قطرت بقطرة أحب إلى الله تعالى من قطرة دم أريقت في سبيل الله، وقطرة دمع في سواد الليل وهو ساجد ولا يراه إلا الله، وما خطا عبد خطوتين أحب إلى الله تعالى من خطوة إلى الصلاة الفريضة، وخطوة إلى صلة الرحم). وروي: (أنه تعالى أوحى إلى داود (ع): يا داود! تخلق بأخلاقي، وأن من أخلاقي أني أنا الصبور).
وروي: (أن المسيح قال للحواريين: إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون) (36). وقال (ص): (ما من عبد مؤمن أصيب بمصيبة فقال كما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيرا منها، إلا وفعل الله ذلك). وقال (ص):
(قال الله عز وجل: إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده، ثم استقبل ذلك بصبر جميل، استحييت منه أن أنصب له ميزانا وأنشر له ديوانا) (37). وقال (ص): (الصبر ثلاثة: صبر عند المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية. فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاث مائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض، ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة، ما بين الدرجة إلى درجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، ومن صبر على المعصية كتب الله له ستمائة درجة، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الأرض إلى منتهى العرش). وقال (ص): (سيأتي على الناس زمان لا ينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر، ولا الغني إلا بالغصب والبخل، ولا المحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى، وصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة، وصبر على الذل وهو يقدر على العز، آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي) (38). وقال (ص): (أن الله تعالى قال لجبرائيل:
ما جزاء من سلبت كريمته؟ فقال: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا.