ضعيفة، كخيط مرسل في الهواء تفيئها (36) الريح مرة هكذا ومرة هكذا، فهو لا يأمن الرياء وسائر أخطارها. فاللازم لمثله تركها. ولذلك كان أهل اليقين من السلف يتدافعون هذه المناصب ما وجدوا إليه سبيلا. وورد ما ورد من الأخبار في عظيم خطرها كثرة آفاتها ولزوم التثبت والاحتياط لمن يزاولها وما ورد من الوعيد الشديد في حق علماء السوء يكفي للزوم الحذر عن فتن العلم وغوائله. ومما يقصم ظهور أمثالنا من الذين يقولون ما لا يعلمون ويأمرون بما لا يفعلون، قول عيسى بن مريم - عليهما السلام -:
" يا علماء السوء! تصومون وتصلون وتتصدقون ولا تفعلون ما تؤمرون:
وتدرسون ما لا تعلمون فيا سوء ما تحكمون! تتوبون بالقول والأماني، وتعملون بالهوى، وما يغني عنكم أن تتقوا جلودكم وقلوبكم دنسة! بحق أقول لكم: لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب وتبقى فيه النخالة!
كذلك أنتم! تخرجون الحكم من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم!
يا عبيد الدنيا! كيف يدرك الآخرة من لا تنقضي من الدنيا شهوته ولا تنقطع منها رغبته! بحق أقول لكم: إن قلوبكم تبكي من أعمالكم، جعلتم الدنيا تحت ألسنتكم والعمل تحت أقدامكم بحق أقول لكم: أفسدتم آخرتكم بصلاح دنياكم، فصلاح الدنيا أحب إليكم من صلاح الآخرة! فأي ناس أخس منكم لو تعلمون! ويلكم! حتى متى تصفون الطريق للمدلجين وتقيمون في محلة المتحيرين كأنكم تدعون أهل الدنيا ليتركوها لكم! مهلا مهلا! ويلكم! ماذا يغني عن البيت المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره وجوفه وحش مظلم! كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم وأجوافكم منه وحشة معطلة. يا عبيد الدنيا! توشك الدنيا أن تقلعكم عن أصولكم فتلقيكم على وجوهكم، ثم تكبكم على مناخركم، ثم تأخذ خطاياكم بنواصيكم! يدفعكم العلم من خلفكم، ثم يسلمكم إلى الملك الديان حفاة عراة فرادى! فيوقفكم على سوآتكم، ثم يخزيكم بسوء أعمالكم!! " (37) هذا ويعرف الصادق المخلص من أهل هذه المناصب بأنه إذا ظهر من هو