جامع السعادات - محمد مهدي النراقي - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
فقال: يا رب! كيف أحببك إلى خلقك؟ قال: اذكرني بالحسن الجميل، وأذكر آلائي وإحساني، وذكرهم ذلك، فإنهم لا يعرفون مني إلا الجميل ".
ورأى بعض الأكابر في النوم - وكان يكثر ذكر أبواب الرجاء - فقال:
" أوقفني الله بين يديه، فقال: ما الذي حملك على ذلك؟ فقلت: أردت أن أحببك إلى خلقك. فقال: قد غفرت لك ".
هذا مع أن الرجاء أفضل من الخوف للعبد بالنظر إلى مطلعهما، إذ الرجاء مستقى من بحر الرحمة والخوف مستقى من بحر الغضب. ومن لاحظ من صفات الله ما يقتضي اللطف والرحمة كانت المحبة عليه أغلب، وليس وراء المحبة مقام. وأما الخوف فمستنده الالتفات إلى الصفات التي تقتضي الغضب، فلا تمازجه المحبة كممازجتها للرجاء. نعم، لما كانت المعاصي والاغترار على الخلق أغلب، (لا) سيما على الموجودين في هذا الزمان، فالأصلح لهم غلبة الخوف، بشرط ألا يخرجهم إلى اليأس وقطع العمل، بل يحثهم على العمل، ويكدر شهواتهم، ويزعج قلوبهم عن الركون إلى دار الغرور، ويدعوهم إلى التجافي عن عالم الزور، إذ مع غلبة المعاصي على الطاعات لا ريب في أصلحية الخوف، (لا) سيما أن الآفات الخفية:
من الشرك الخفي، والنفاق، والرياء، وغير ذلك من خفايا الأخلاق الخبيثة في أكثر الناس موجودة، ومحبة الشهوات والحطام الدنيوي في بواطنهم كامنة، وأهوال سكرات الموت واضطراب الاعتقاد عنده ممكنة، ومناقشات الحساب ورد أعمالهم الصالحة لأسباب خفية محتملة، فمن عرف حقائق هذه الأمور، فإن كان ضعيف القلب جبانا في نفسه غلب خوفه على رجائه، وإن كان قوي القلب ثابت الجأش تام المعرفة استوى خوفه ورجاؤه. وأما أن يغلب رجاؤه فلا، بل غلبته إنما هو من الاغترار وقلة التدبر، كما في غالب الناس، بل الأصلح لهم غلبة الخوف، ولكن قبل الإشراف على الموت، وأما عنده فالأصلح لهم غلبة الرجاء وحسن الظن، لأن الخوف جار مجرى السوط الباعث على العمل، وقد انقضى وقته، وهو لا يطيق هنا أسباب الخوف، لأنها تقطع نياط قلبه وتعين على تعجيل موته. وأما روح الرجاء فيقوي قلبه ويحبب إليه ربه الذي إليه رجاؤه.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المؤلف: بقلم الشيخ محمد رضا المظفر 5
2 مقدمة المؤلف 30
3 الباب الأول - في المقدمات 32
4 انقسام حقيقة الانسان وحالاته بالاعتبار 32
5 تجرد النفس وبقاؤها 33
6 تلذذ النفس وتألمها 35
7 فضائل الأخلاق ورذائلها 36
8 الأخلاق الذميمة تحجب عن المعارف 37
9 العمل نفس الجزاء 40
10 تأثير المزاح على الأخلاق 45
11 تأثير التربية على الأخلاق 46
12 شرف علم الأخلاق لشرف موضوعه وغايته 49
13 النفس وأسماؤها وقواها الأربعة 51
14 ائتلاف حقيقة الانسان من الجهات المتقابلة 56
15 الأقوال في الخير والسعادة والتوفيق بينها 57
16 لا تحصل السعادة إلا بإصلاح جميع الصفات والقوى دائما 60
17 غاية السعادة التشبه بالمبدأ 61
18 بإزاء كل واحدة من القوى الأربع لذة وألم 62
19 إيقاظ فيه موعظة ونصيحة 65
20 الباب الثاني - في أقسام الأخلاق 68
21 أجناس الفضائل الأربع والأقوال في حقيقة العدالة 69
22 العدالة انقياد العقل العملي للعقل النظري 71
23 العقل النظري هو المدرك للفضائل والرذائل 75
24 دفع الاشكال في تقسيم الحكمة 75
25 تحقيق الوسط والأطراف 76
26 أجناس الرذائل وأنواعها 80
27 الفرق بين الفضيلة والرذيلة 87
28 العدالة أشرف الفضائل 91
29 إيقاظ 95
30 دفع اشكال في دخول المتفضل في العدالة وهي المساواة 96
31 إصلاح النفس قبل إصلاح الغير وعدالة السلطان 97
32 لا حاجة إلى العدالة مع رابطة المحبة 99
33 التكميل الصناعي لاكتساب الفضائل على طبق ترتيب الكمال الطبيعي 99
34 الباب الثالث - في الأخلاق المحمودة (فيه مقدمات وأربعة مقامات) 102
35 المقدمة 102
36 (1) الطريق لحفظ اعتدال الفضائل 103
37 (2) المعالجات الكلية لمرض النفس 107
38 (3) المعالجات الخاصة لمرض النفس 107
39 المقام الأول - في القوة العاقلة 108
40 الجريرة طرف الافراط 109
41 الجهل البسيط طرف التفريط 109
42 شرف العلم والحكمة وهو الحد الوسط في القوة العاقلة 110
43 آداب التعلم والتعليم 113
44 العلم الإلهي وعلم الأخلاق والفقه أشرف العلوم 117
45 أصول العقائد المجمع عليها 118
46 (أنواع الرذائل المتعلقة بالقوة العاقلة) وهي (5) أنواع: 122
47 (1) الجهل المركب 122
48 (2) الشك والحيرة 122
49 اليقين 124
50 علامات صاحب اليقين 125
51 مراتب اليقين 128
52 (3) الشرك 131
53 التوحيد في الفعل 132
54 ابتناء التوكل على حصر المؤثر في الله تعالى 134
55 مناجاة السر لأرباب القلوب 136
56 (4) الخواطر النفسانية 143
57 اقسام الخواطر ومنها الالهام 144
58 المطاردة بين جندي الملائكة والشياطين في معركة النفس 145
59 تسويلات الشيطان ووساوسه 146
60 العلائم الفارقة بين الالهام والوسوسة 148
61 علاج الوساوس 149
62 ما يتم به علاج الوساوس 152
63 ما يتوقف عليه قطع الوساوس 154
64 حديث النفس لا مؤاخذة عليه 156
65 الخاطر المحمود والتفكر 159
66 مجاري التفكر في المخلوقات 162
67 نصيحة 189
68 (5) المكر والحيل 189
69 المقام الثاني - فيما يتعلق بالقوة الغضبية 192
70 التهور: الافراط في قوة الغضب 192
71 الجبن: التفريط في قوة الغضب 193
72 الشجاعة: الوسط في قوة الغضب 194
73 (أنواع الرذائل ولوازمها المتعلقة) (بالقوة الغضبية وهي (21) نوعا) 195
74 (1) الخوف 195
75 الخوف المذموم وأقسامه 195
76 الخوف المحمود وأقسامه ودرجاته 202
77 بم يتحقق الخوف 204
78 الخوف من الله أفضل الفضائل 206
79 الخوف إذا جاوز حده كان مذموما 211
80 طرف تحصيل الخوف الممدوح 213
81 خوف سوء الخاتمة وأسبابه 214
82 الفرق بين الاطمئنان والامن من مكر الله 222
83 التلازم بين الخوف والرجاء 223
84 مواقع الخوف والرجاء وترجيح أحدهما على الاخر 230
85 العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف 232
86 مداواة الناس بالخوف أو الرجاء على اختلاف أمراضهم 234
87 (2) صغر النفس 235
88 كبر النفس 236
89 الثبات أخص من كبر النفس 236
90 (3) دناءة الهمة 237
91 (4) عدم الغيرة والحمية 238
92 الغيرة والحمية 239
93 الغيرة على الدين والحريم والأولاد 239
94 (5) العجلة 246
95 الأناة والتوقف والسكينة والوقار 250
96 (6) سوء الظن بالخالق والمخلوق 251
97 حسن الظن 254
98 (7) الغضب 255
99 الافراط والتفريط والاعتدال في قوة الغضب 256
100 الغضب 257
101 امكان إزالة الغضب وطرق علاجه 258
102 فضيلة الحلم وكظم الغيظ 263
103 (8) الانتقام 265
104 العفو 267
105 (9) العنف 268
106 فضيلة الرفق 269
107 المداراة 270
108 (10) سوء الخلق بالمعنى الأخص 270
109 طرق اكتساب حسن الخلق 272
110 (11) الحقد 275
111 (12) العداوة الظاهرة 276
112 (13) الضرب والفحش واللعن والطعن 276
113 (14) العجب 280
114 ذم العجب 284
115 آفات العجب 286
116 علاج العجب اجمالا وتفصيلا 287
117 انكسار النفس 299
118 (15) الكبر 300
119 ذم الكبر 301
120 التكبر على الله وعلى الناس 304
121 درجات الكبر 305
122 علاج الكبر علما وعملا 306
123 اشكال وحل 306
124 العلاج العملي للكبر 308
125 التواضع ومدحه 311
126 الذلة 314
127 (16) الافتخار 315
128 (17) البغي 316
129 (18) تزكية النفس 317
130 (19) العصبية 317
131 (20) كتمان الحق 318
132 الانصاف والاستقامة على الحق 319
133 (21) القساوة 320