فليطالع من هناك.
وأما ما ورد في بعض الأخبار أنها كانت جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا، فمع أنه مرفوع في تفسير علي بن إبراهيم (1) ومجهول في الكافي (2) لأن من رجاله الحسن بن بشير وهو غير مذكور في رجال أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) بل غير مذكور في الرجال مطلقا والرواية مروية عنه (عليه السلام)، فيدفعه ما ذكرناه من الأخبار، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قد دخل الجنة ليلة أسري به ثم خرج منها، ولا فرق، بل آدم (عليه السلام) كان بعصيانه أولى بالإخراج، ولذا ذهب أكثر المفسرين والحسن البصري وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء، وكثير من المعتزلة كالجبائي والرماني وابن الأخشد إلى أنها كانت جنة الخلد، لأن الألف واللام للتعريف وصار كالعلم لها، قالوا: وقول من يزعم أن جنة الخلد من يدخلها لا يخرج منها غير صحيح، لأن ذلك إنما يكون إذا استقر أهل الجنة فيها للثواب، وأما قبل ذلك فلا. وهذا منهم رد على أبي هاشم حيث زعم أنها كانت جنة من جنان السماء غير جنة الخلد، قال: لأن جنة الخلد أكلها دائم ولا تكليف فيها (3).
وبالجملة: ظواهر الآيات والروايات الكثيرة وما نقلناه عن أكثر المفسرين تدل على أن جنة آدم (عليه السلام) كانت جنة من جنان الخلد، ولذا قال شارحو المقاصد والتجريد: إن حملها على بستان من بساتين الدنيا يجري مجرى التلاعب في الدين والمراغمة لإجماع المسلمين (4)، ولعلهما أرادا بإجماعهم اتفاق أكثرهم، إذ لم يعتبرا خلاف الشاذ منهم لكونه خلاف ظاهر الكتاب وصريح السنة.
وأما الرواية العاضدة لخلافهم وهي الرواية المذكورة المروية عن