غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ٢٤٣
فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية فقلت: ما شأنك، فقلت: إني هجمت عليهما وهما يتناجيان فقلت لعلي ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام فما تدعني يا بن أبي طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي وهو غضبان محمر الوجه فقال: ارجعي وراءك، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي، ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الإيمان فرجعت نادمة ساقطة؟ فقالت عائشة: نعم، اذكر ذلك. قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت تفلين (1) رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه فرفع رأسه وقال:
ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط، فرفعت رأسي (2) من الحيس فقلت: أعوذ بالله وبرسوله من ذلك، ثم ضرب على ظهرك وقال: إياك أن تكونيها يا حميراء (3) أما أنا فقد أنذرتك قالت عائشة: نعم اذكر ذلك. قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخصفها، ويتعاهد أثوابه فيغسلها فبقيت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحادثاه فيما أرادا، ثم قالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا! فقال لهما أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا، ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلت له: وكنت أجرأ عليه منا، من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال خاصف النعل، فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا، فقال هو ذاك. فقالت عائشة: نعم اذكر ذلك، قالت فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت إنما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت: أنت ورأيك، فانصرفت عائشة عنها، وكتبت أم سلمة بما قالت وقيل لها إلى علي (4).
قال ابن أبي الحديد عقيب هذا الخبر: فإن قلت: فهذا نص صريح في إمامة علي (عليه السلام) فما تصنع أنت وأصحابك المعتزلة به! فأجاب بجواب لا طائل تحته متكلف حمية لمذهب المعتزلة، حمية الجاهلية. أعوذ بالله تعالى من الغواية بعد تبين الهدى.
وقد تقدم في الباب الثاني عشر من طريق العامة روايات في النص على الأئمة الاثني عشر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالإمامة والخلافة والوصاية تؤخذ من هناك.

(1) في المصدر: تغسلين.
(2) في المصدر: فرفعت يدي.
(3) في المصدر: وقال: إياك أن تكونيها، ثم قال: يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها، يا حميراء، أما أنا فقد أنذرتك.
(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 77 - 78.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول في أن لولا الخمسة محمد رسول الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين ما خلق الله آدم، ولا الجنة، ولا النار، ولا العرش، ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة و لا الانس، ولا الجن، وهم الخمسة الأشباح، وأن رسول الله، وأمير المؤمنين عليا خلقا من نور واحد وخلق ملائكة من نور وجه علي 25
2 الباب الثاني لولا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وصيه الإمام والأئمة الاحد عشر من ولده ما خلق الله تعالى الخلق، وهم من نور واحد 34
3 الباب الثالث في أن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكعبة المشرفة 50
4 الباب الرابع في أن ميلاده (عليه السلام) في الكعبة من طريق الخاصة 52
5 الباب الخامس في نسبه عليه السلام 55
6 الباب السادس في تكنيته عليه السلام بأبي تراب 57
7 الباب السابع في تكنيته (عليه السلام) بأبي تراب 60
8 الباب الثامن في أنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وأمير البررة 62
9 الباب التاسع في أنه (عليه السلام) أمير المؤمنين وسيد المسلمين والإمام والحجة والخليفة والوصي 84
10 الباب العاشر في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) حجج الله على خلقه 102
11 الباب الحادي عشر في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثنا عشر حجج الله على خلقه 108
12 الباب الثاني عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الإمام بعده وبنيه الأحد عشر صلوات الله عليهم بأنهم الأئمة الإثنا عشر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلفاؤه وأوصياؤه 118
13 الباب الثالث عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين بأنه الإمام بعده وبنيه الاحد عشر وهم الأئمة الاثنا عشر وخلفاؤه وأوصياؤه صلى الله عليه وآله 166
14 فصل في النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) في جملة الأئمة الاثني عشر 193
15 الباب الرابع عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الخليفة بعده وأن الخلفاء بعد علي (عليه السلام) بنوه الأحد عشر، وهم الأئمة الاثنا عشر والخلفاء 224
16 الباب الخامس عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين وبنيه الاحد عشر بأنهم الخلفاء والأوصياء بعده صلوات الله عليهم 244
17 الباب السادس عشر في النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غدير خم بالولاية المقتضية للامارة والإمامة في قوله (صلى الله عليه وآله) من كنت مولاه فعلي مولاه 268
18 الباب السابع عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالولاية المقتضية للامارة والإمامة بغدير خم 306