قوله (قدس سره): (ولا ترتيب بينهما وإن كان هو الأحوط كما عرفته فيما تقدم) في بيان الجزء الأخير من أجزاء الوضوء حيث ذكر مثل العبارة ثمة وأفاد الترتيب بينهما هناك بقوله: " ثم اليسرى باليسرى " المفيدة للتعقيب، وقد تقدم منا ثمة نفي جواز تقديم اليسرى على اليمنى وتجويز المقارنة والاحتياط فيه في محله خروجا عن خلاف من أوجبه فيهما أيضا، ومراعاة للمعتبرة الدالة على لزومه، لولا ابتلائها بالمعارض.
قوله (قدس سره): (ولو أخل بالترتيب حيث يجب لا على قصد التشريع عاد إلى ما يحصل به إذا لم يلزم فوات الموالاة) التقييد بعدم قصد التشريع لأن معه يبطل الوضوء رأسا ويجب الاستئناف، وهو فيما لو كان ذلك من قصده أول الوضوء، وعند النية مسلم، لأنه لم يقصد الاتيان بالوضوء المأمور به، وإنما نوى من أول الأمر امتثال ما أبدعه، وهو مردود إليه بحذافيره، ولا يجدي فيه مماثلة بعض أجزائه لبعض المأمور به صورة في احتسابه جزءا منه عند الحاجة، وهو واضح لاخفاء فيه، وأما لو شرع في الأثناء حين إتيانه بجزء منه مخالفا للمشروع فالحكم ببطلان ما سبقه مما أوجده من الأجزاء بداعي أمر الشرع فغير واضح.
ولا أظن أنه (قدس سره) يقول به ولكنه أطلق، لأن ظاهر التشريع البناء على أن المأمور به هكذا وهو لا يكون إلا بالتصرف في المركب بما هو مركب، والتصرف في المجموع من حيث هو مجموع لازمه نيته المخالفة التشريعية من أول الأمر، وإلا فلا معنى للحكم باستئناف الوضوء لفساد جزء منه ممكن الاستدراك، وليس هو مثل الصلاة يسري فساد جزئها إلى فسادها رأسا. وأما التقييد بعدم فوات الموالاة، لأن فوتها مانع عن التئام أجزاء الوضوء بعضها مع بعض، والقول بصحة الوضوء مع العود إلى ما يحصل معه الترتيب في صورة بقاء الموالاة هو ظاهر كلمة الأصحاب، ولكن المحكي عن التحرير عكس التذكرة إعادة نفس الوضوء وحمله بعضهم كما هو ظاهر الجواهر على فوت الموالاة بمعنى المتابعة، لفصل الأجنبي وهو فعل المتأخر الواقع في غير محله، لما حكي أن العلامة فسر الموالاة بالمتابعة في حق المختار وبالجفاف في المضطر.