كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٣
دل عليه، وإجماع المسلمين على ذلك.
إذا عرفت هذا فنقول: السمع والبصر في حقنا إنما يكون بآلات جسمانية، وكذا غيرهما من الإدراكات، وهذا الشرط ممتنع في حقه تعالى بالعقل، فإما أن يرجع بالسمع والبصر إلى ما ذهب إليه أبو الحسين، وإما إلى صفة زائدة غير مفتقرة إلى الآلات في حقه تعالى.
المسألة السادسة: في أنه تعالى متكلم قال: وعمومية قدرته تدل على ثبوت الكلام والنفساني غير معقول.
أقول: ذهب المسلمون كافة إلى أنه تعالى متكلم واختلفوا في معناه:
فعند المعتزلة أنه تعالى أوجد حروفا وأصواتا (1) في أجسام جمادية دالة على المراد.

(1) الأقوال في كونه سبحانه متكلما ثلاثة:
الأول: للمعتزلة وأن المتكلم من أوجد الكلام لا من قام به الكلام.
الثاني: للأشاعرة وأنه من قام به الكلام وفسروه بالكلام النفسي، الذي هو من اللغز والأحاجي، حيث يدعون أنه غير العلم في الأخبار، وغير الإرادة في الإنشائيات، وبما أن الإنشائيات أعم من الأمر ويعم النهي والترجي والتمني والاستفهام، يلزم عليهم إثبات كلام نفسي في هذه الموارد غير الكراهة والترجي والتمني والاستفهام، وهو كما ترى.
الثالث: للحكماء وحاصله: أن العالم بجواهره وأعراضه كلامه سبحانه، لأنه يعرب عن كماله وجماله وعلمه وقدرته، وإنما يسمى الكلام اللفظي كلاما لأنه يعرب عما في ضمير المتكلم، وأي إظهار أجلى وأوضح من الموجودات الإمكانية مجردها وماديها، التي تعرب عن الكمال المكنون. وهذا هو رأي الحكماء، ويمكن استظهاره من بعض الآيات، وبه روايات، لاحظ الإلهيات: 1 / 194.
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»