كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٤٥
أنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل وقال آخرون أنها تجب من كل صغير وكبير من المعاصي والإخلال بالواجب سواء تاب عنها قبل أو لم يتب وقد استدل المصنف (ره) على وجوبها بأمرين (الأول) أنها دافعة للضرر الذي هو العقاب أو الخوف ودفع الضرر واجب (الثاني) إنا نعلم قطعا وجوب الندم على فعل القبيح أو الاخلال بالواجب إذا عرفت هذا فنقول إنها تجب عن كل ذنب لأنها تجب من المعصية لكونها معصية ومن الاخلال بواجب لكونه كذلك هذا عام في كل ذنب وإخلال بالواجب.
قال: ويندم على القبيح لقبحه وإلا لانتفت التوبة وخوف النار إن كانت الغاية فكذلك وكذا الاخلال بالواجب.
أقول: يجب على التائب أن يندم على القبيح لقبحه وأن يعزم على ترك المعاودة إليه إذ لولا ذلك لانتفت التوبة كمن يتوب من المعصية حفظا لسلامة بدنه أو لعرضه بحيث لا ينثلم عند الناس فإن مثل هذا لا يعد توبة لانتفاء الندم أو أما التائب خوفا من النار فإن كان الخوف من النار هي الغاية في توبته بمعنى ؟ نه لولا خوف النار لم يتب فكذلك أي لا يصح منه التوبة لأنها ليست توبة عن القبيح لقبحه فجرى مجرى طالب سلامة البدن وإن لم يكن هو الغاية بأن يندم عليه لأنه قبيح وفيه عذاب النار فلولا القبح لما ندم عليه وإن كان فيه خوف النار صح توبته وكذا الاخلال بالواجب إن ندم عليه لأنه إخلال بالواجب وعزم على فعل الواجب في المستقبل لأجل كونه إخلالا بالواجب فهي توبة صحيحة وإن كان خوفا من النار أو من فوات الجنة فإن كان هو الغاية لم تصح توبته وإلا لكانت صحيحة ولهذا إن المسئ لو اعتذر إلى المظلوم لا لأجل إسائته بل لخوفه من عقوبة السلطان لم يقبل العقلاء عذره.
قال: فلا يصح من البعض ولا يتم القياس على الواجب.
أقول: اختلف شيوخ المعتزلة فذهب أبو هاشم إلى أن الندم لا يصح من
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»