كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٩٠
لأنا بينا أن الرياسة والقهر زيادة في التمكين لا يقتضي منع ما توجبه القوة الشهوية والغضبية، والأقرب إلى اللطف أولى بالامتناع وبامتثال أوامره، وبالإمامة مما ليس كذلك، فكان لا يجب عليه امتثال أوامر الإمام أصلا والباتة بل قد يجب على الإمام ذلك فلا يكون من فرض إماما ومن فرض واجب الطاعة واجب الطاعة وهو تناقض فأما بطلان التالي فظاهر.
الثلاثون: الإمام أمره وكلامه دليل قاطع على الصحة من حيث إنه كلامه، ولا شئ من غير المعصوم كلامه دليل قاطع من حيث إنه كلامه، فلا شئ من غير المعصوم بإمام، بيان الصغرى إن مخالف كلام الإمام مخطئ قطعا، ويحل قتاله إلى أن يفئ إلى كلامه وكل ما ليس بدليل قطعي لا يقطع بخطأه ولا يحل قتاله، وأما الكبرى فظاهرة لاحتمال خطأه.
الحادي والثلاثون: كلام غير المعصوم مع عدم علم فسقه من حيث إنه كلامه ومع عدم العلم بصحته من جهة أخرى أعلى مراتبه أن يكون أمارة، ولا شئ من الإمام، كذلك ينتج لا شئ من غير المعصوم كذلك، أما الصغرى فلاحتمال خطأه وكذبه، ولا يدفع هذا الاحتمال إلا الأصل وإعادة الصدق، وكلاهما لا يوجبان الجزم لاحتمال النقيض معهما، وأما الكبرى فلأن مخالف كلام الإمام من حيث إنه كلامه إذا لم يعلم صدقه من جهة أخرى يقطع بخطأه ويحارب ويحل جهاده، ولا شئ من مخالف الأمارة كذلك، فكلام الإمام ليس بأمارة بل هو دليل مفيد للعلم.
الثاني والثلاثون: الإمام أمره دليل على التقريب من الطاعة والتبعيد عن المعصية، ولا شئ من غير المعصوم كذلك ينتج لا شئ من الإمام بغير معصوم، ويلزمه كل إمام معصوم، أما الصغرى فلأنه لولا ذلك لانتفت فائدة نصبه إذ لو جوز المكلف كون أوامره مقربة إلى المعصية ونواهيه مبعدة عن الطاعة لم يحصل له الوثوق به فلم تتوفر الدواعي على اتباعه وتنفرت الخواطر عنه ولم يقطع بخطأ مخالفة ولم يعتمد على قوله في الجهاد وغيره، وأما الكبرى فلأن الدليل هو المفيد للعلم وشرط المفيد للعلم عدم احتمال النقيض إذ مع احتماله يكون أمارة.
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست