كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ١٣٩
لأنه لو لم يكن كذلك لم يمكنه حفظ العدل المطلق في جميع الأحوال والأزمان، وبالنسبة إلى كل الأشخاص وإذا كان كذلك في كل أقواله وأحواله فهو معصوم لا محالة لأن الحركة الاختيارية تابعة للشوق والإرادة، فإذا لم يؤثر ولم يشتق في حال من الأحوال إلى غير الله تعالى ومرضاته لم يصدر منه ذنب قط فكان معصوما.
الثالث والخمسون: الحركات الاختيارية موقوفة على مبادئ أربعة مترتبة الادراك، ثم الشوق المسمى بالشهوة أو الغضب، ثم العزم المسمى بالإرادة الجازمة ثم القوى المؤتمرة المثبتة في الأعضاء، فنقول الإمام له بالنسبة إلى المعاصي، المبدء الأول لأنه مكلف باجتنابه، فلا بد من إدراكه، وله الآخر أيضا وإلا لم يكن قادرا، بقي الثاني والثالث فنقول: لا بد من العلم بانتفاء الثالث عنه لأنه لو جوزناه عليه لجاز أمره به ولا يوثق بأنه المقرب إلى الطاعة والمبعد عن المعصية ولا يعتمد على قوله فتنتفي فائدته، وإنما يعلم بانتفاء الثالث عنه مع العلم بعصمته، والثاني منتف عنه أيضا لأنه يعرف ما يستحق عليها من العقاب ويستحقر ما يحصل بها للقوى البدنية من اللذة لما تقرر من أنه لا التفات له إلى الأمور البدنية والقوى الشهوانية بل يتخذها مستحقرة فإن حصلها كان على سبيل العدل والشرع وللتأسي به وليعلم الناس إباحتها وعدم كراتها لا غير ذلك، فيستحيل الشوق منه إليه، وإذا تعذر المبدءان امتنعت الحركة الاختيارية، فامتنع وقوع المعاصي منه فكان معصوما.
الرابع والخمسون: الإمام كلما لمح شيئا عاج منه إلى الله تعالى فهو يرى الله بعين البصيرة عند كل شئ وخشيته منه كاملة وإرادته لمرضاته في كل حال جازمة وإلا لم يصلح للتقريب في كل حال ولدعاء كل الناس إلى ذلك ولم يحفظ العدل المطلق فيستحيل منه الاخلال بواجب وفعل قبيح لاستلزام إرادة الشئ كراهة ضده فهو معصوم.
الخامس والخمسون: خشية الإمام وخوفه من الله تعالى يجب أن يكون في الغاية بحيث يستصغر كل شئ بالنسبة إليها، وتكون راجحة على كل
(١٣٩)
مفاتيح البحث: الغضب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست