المناظرات بين فقهاء السنة وفقهاء الشيعة - مقاتل بن عطية - الصفحة ١١٩
وأما الاستحقاق فهم يقولون: إن العبد لا يستحق بنفسه على الله شيئا.
ويقولون إنه لا بد أن يثيب المطيعين كما وعد فإن الله (تعالى) لا يخلف وعده.
وأما إيجاب ذلك على نفسه وإمكان معرفة ذلك بالعقل فهذا فيه نزاع، لكن لو قدر أنه عذب من يشاء لم يكن لأحد منعه كما قال تعالى: * (قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا) * (1) المائدة.
وهو تعالى لو ناقش من ناقشه من خلقه لعذبه كما قال عليه السلام (من نوقش الحساب عذب).
وقال (ص): (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله. قالوا ولا أنت يا رسول الله؟
قال ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته) (2).
والتحقيق إن قدر أن الله (تعالى) عذب أحدا فلا يعذبه إلا بحق، لأنه يتعالى عن الظلم (3).
ابن المطهر: إن أهل السنة يقولون إن النبي (ص) لم ينص على إمامة أحد. وأنه مات عن غير وصية.
ابن تيمية: هذا ليس قول جميعهم. بل ذهب من أهل السنة جماعة أن إمامة أبي بكر بالنص ما أسنده البخاري عن جبير ابن مطعم قال (أتت امرأة إلى النبي (ص) فأمرها أن ترجع إليه، فقالت أرأيت إن جئت ولم أجدك؟

(١) هذا الكلام يؤكد ما ذكرناه سابقا عن عقيدة أهل السنة في العدل والحكمة ونسبة القبح إلى الله سبحانه. وقد اهتمت الشيعة بالعدل وجعلته من أصول الدين وكذلك فعلت المعتزلة بينما لا يظهر من نصوص أهل السنة ما يفيد اهتماما بهذه القضية الهامة وهو ما يظهر من كلام ابن تيمية.. ويذكر أن أهل السنة هاجموا الشيعة والمعتزلة لاعتبارهم العدل من الأصول. (انظر كتب العقائد وشروحاتها).
(٢) هذه الرواية الصحيحة عند أهل السنة تدين الرسول (ص) وتثبت عقيدة أهل السنة الباطلة في شخص الرسول. فهي من جهة تناقض القرآن الذي حسم مصير الرسول وآخرته. ومن جهة تساويه بالآخرين. وإذا كان هذا هو حال الرسول، فكيف حال بقية الصحابة وغيرهم من المسلمين؟ وما دام أهل السنة يعتقدون أن الرسول لن يدخل الجنة إلا أن يتغمده الله برحمته فكيف يروون على لسانه تبشيره لعشرة من صحابته بالجنة؟
كيف يبشر الرسول غيره بدخول الجنة وهو يشك في دخولها؟
(3) إذا كان الله لا يعذب إلا بحق، فكيف يقول أهل السنة إن الله من حقه أن يدخل المطيع النار؟
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 115 116 117 118 119 120 121 122 124 125 ... » »»
الفهرست